الباحث: علي عباس فاضل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد.
تعد مسألة حق الرعية على الوالي من المسائل المعقدة لما لها من ارتباط بحياة الناس وحقوقهم التي يجب على الحاكم مراعاتها، وقد وضع الإسلام قوانين خاصة لتنظيم هذه الحقوق وحفظها وصيانتها، فرسم الخطوط التي يجب على الحاكم السير عليها، ليحقق العدالة بين أفراد المجتمع الخاضع لحكمه.
وتمثل تطبيق القوانين التي جاء بها الإسلام في حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله ( صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ)، إذ جعل حقوق الناس هي المفتاح والمقدمة لحقوق الله سبحانه، يقول (عليه السلام): (جعل الله سبحانه حقوق عباده مُقدِّمة لحقوقه)([1])، فالله سبحانه قد جعل حقوقه في الطاعة والعبادة مرهونة القبول بتأدية حقوق الناس، فلا قبول لهذه الطاعات في مقابل سلب حقوق الناس، وهذا عن دل يدل على قدسية حقوق الناس وحرمتها، والكلام في هذه العبارة هو بوجه عام، ولكن أكثر ما ينطبق عليه هو الحاكم، إذ يكون هو القائم بالحفاظ على حقوق الناس وصيانتها، فكل أعماله وطاعاته لا يمكن لها أن تقبل ما لم يتم مراعاة حقوق الناس، لان مقدرات البلد الذي يحكمه وثرواته بيده، وعليه إدارتها بما يضمن حقوق الرعية وأن يراعي توزعها بشكل عادل على أبناء المجتمع الذي يحكمه، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (أفضل الجود إيصال الحقوق إلى أهلها)([2]).
فإيصال الحقوق بشكل عادل إلى أهلها هو من أفضل أنواع الكرم والجود وهذا من واجبات الحاكم التي لا بد له من أن يتصدى لكل من يحاول أن يمنع الحقوق عن أهلها، ويتابع ذلك بنفسه، لأنه هو المسؤول الأول أمام الله والناس عن تلك الحقوق وأعماله مرهونة القبول بتأدية واجبه على أتم وجه، ليحفظ نفسه من العذاب والمسائلة، فإن الله تعالى أعد للظالمين عذابا أليما إذ يقول: (وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا)([3]).
وفي الختام نسأل الله العلي القدير دولة كريمة يعزُّ بها الإسلام وأهله، وتحفظ فيه الحقوق والواجبات، ويسودها العدل والإحسان، إنه سميع الدعاء.
الهوامش:
([1]) الآمدي، غرر الحكم: 3/370.
([2])المصدر نفسه.
([3]) سورة الفرقان: 37.