قضاء الحوائج في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)

مقالات وبحوث

قضاء الحوائج في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)

21K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 26-11-2019

الباحث: علي فاضل الخزاعي
الحمد لله الذي يعلم السر والنجوى؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلا؛ والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد...
فإن قضاء الحوائج بيد الله سبحانه هو القاضي للحاجات والكافي للمهمات، لا يُسأل في قضائها غيره ولا يقضيها سواه ولكن جعل الله سبحانه أمناء على خلقه عبادًا صالحين وأئمة مقربين، لهم جاه عظيم عند ربهم، وهم شفعاء ووجهاء عند الله عز جل، منحهم مقام الشفاعة بفضله وكرمه، وهم محمد وآله (صلى الله عليه وعلى آله) ومن تمسك بولايتهم من المؤمنين الصالحين.
وعلى هذا المنطلق فإن قضاء حاجة المؤمن وإجابة دعوته وادخال السرور في قلبه وتفريج غمه من الأمور المرغوبة في الشريعة المقدسة، إلا أنها مقيدة بعدم ترك الواجب وفعل الحرام، لما ورد من أنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق[1].
ولهذا قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): (لا يستقيم قضاء الحوائج إلَّا بثلاث: باستصغارها لتعظم وباستكتامها لتظهر وبتعجيلها لتهنأ)[2].
باستصغارها لتعظم، أي استصغارها في الطلب لتعظم بالقضاء. وكتمانها عند محاولتها لتظهر بعد قضائها فلا تعلم إلا مقضية، وتعجيلها للتمكن من التمتع بها فتكون هنيئة، ولو عظمت عند الطلب أو ظهرت قبل القضاء خيف الحرمان منها، ولو أخرت خيف النقصان[3].
وكذلك اشترط في استقامة قضاء الحوائج: أي كون قضائها على ما ينبغي من العدل ثلاث شرائط:
 أحدها: استصغار قاضى الحاجة لها ليعرف بالسماحة وكبر النفس فيعظم عطاؤه ويشتهر.
الثانية: أن يكتمها فإنّ طباع الناس أدعى إلى إظهار ما استكتم وأكثر عناية به من غيره.
 الثالث: أن يعجّلها لتهنأ: أي لتكون هنيئة.
يقال: هنأ الطعام يهنأ وذلك أنّ الإبطاء بقضاء الحاجة ينغّصها على طالبها فتكون لذّتها مشوبة بتكدير بطؤها[4].
وروى ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: (يا علي ... وإن امرؤ سألك حاجة فأقضها فإن لم يكن لها أهلا كنت أنت لها أهلا)[5].
وكذلك حذر أمير المؤمنين (عليه السلام) من أن تكون طلب الحاجة إلى شرار الخلق لأنهم إذا فعلوا شيئا منّوا به وإذا امتنعوا عابوا الشخص الذي جاء بطلب الحاجة لهم.
قال الإمام علي (عليه السلام): (اللهم لا تجعل بي حاجة إلى أحد من شرار خلقك، وما جعلت بي من حاجة فاجعلها إلى أحسنهم وجها، وأسخاهم بها نفسا، وأطلقهم بها لسانا، وأقلهم عليّ بها مناً)[6].
وعنه (عليه السلام): قلت: (اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي لا تقولن هكذا، فليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس قال: فقلت: يا رسول الله فما أقول؟ قال: قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلت: يا رسول الله من شرار خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منوا وإذا منعوا عابوا)[7].
ونختم مقالتنا بما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام): (وكان قضاء الحوائج وإجابة
الدعاء إذا سئل اللّه بمحمّد وعليّ وآلهما (عليهم السلام) مشهوراً في الزمن السالف حتّى أنّ من طال به البلاء، قيل: هذا طال بلاؤه لنسيانه الدعاء لله بمحمّد وآله الطيّبين)[8].
والحمد لله رب العالمين وصلي يا ربِ على محمد وآله الطاهرين.
الهوامش:
[1] ينظر: الكافي: 2/267.
[2] نهج البلاغة، (تحقيق محمد عبده): 4/23؛ هداية الأمة على أحكام الأئمة: الحر العاملي: 5/598.
[3] نهج البلاغة، (تحقيق محمد عبده): 4/شرح 23.
[4] شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني: 5/291.
[5] سبل الهدى والرشاد، الصالحي الشامي: 11/298.
[6] البحار: 78/ 56/ 111.
[7] تنبيه الخواطر: 1 / 39.
[8] موسوعة الامام العسكري (عليه السلام):4/185.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2604 Seconds