نور علويّ يبزغ في المدينة

مقالات وبحوث

نور علويّ يبزغ في المدينة

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 07-12-2019

البَحِث: سَلَام مَكِيّ خضَيّر الطَّائِيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، والغرّ الميامين، واللّعنة الدَّائمة على أعدائِهم أجمعين، إلى قيامِ يوم الدِّين...
أمَّا بعد...
فإنَّ شيعة آل البيت (عليهم السَّلَام)، يبتهجون ويفرحون، ويمارسون بعض الطّقوس الإسلاميَّة، في المناسبات التي تخص آل البيت (عليهم السلام)، ومنها هذه المناسبات هي الولادات الطاهرة للأئمة (عليهم السلام)، وفي أحد أيام هذا تمر علينا ولادة أحد الأنوار العلويَّة من سلالة النّبوَّة الطَّاهرة، وهي مناسبة ولادة الإمام الهمام الحَسَن العَسكريّ بن الإمام عَلِيّ الهَادِيّ (عليهما الصَّلَاة والسَّلَام).
ولادته ونشأته:
وُلِد الإمام (عليه السَّلَام) في مدينة جدّه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين[1]، من سلالة علويّة مُحَمَّديّة طاهرة، ليكمل مسير الأولياء والصَّالحين الذين اجتباهم الله تعالى، ليكونوا خُلفاء وأوصياء على خلقه سبحانه، واحدًا تلو الآخر، فقال الله تعالى في مُحكم كتابه: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)[2].
أمَّا نشأته: فنشأ (عليه السَّلَام) في بيت علويّ زاخر بالفقه والأدب والمعرفة والأخلاق والإيمان الصَّادِق، في ظل أبيه الإمام عَلِيّ الهادِيّ بن الإمام مُحَمَّد الجَواد (عليهما السَّلَام)، في العهد العبَّاسي الظَّالم، الذي عاصر فيه الإمام العَسْكَريّ (عليه السَّلَام)، ثلاثة حُكَّام من العبَّاسيين، وكانوا لا يختلف أحدهم عن الآخر في ظلمه ونصبه العدَاء لآل بيت النَّبيّ (صلَّى الله عليه وآله)، وكانت مدّة حياته (عليه السَّلَام) التي عاشها مع أبيه الإمام الهَادِيّ (عليه السَّلَام)، ما يقارب العشرين سنة في سر من رأى، وبعد شهادة أبيه الإمام الهَادِيّ (عليه السَّلَام) ما يقارب من ست سنين.
إمامته (عليه السَّلَام) والأحاديث الدَّالة عليها:
تسلم الإمام العَسْكَري (عليه السَّلَام) الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام الهَادِي (عليه السَّلَام)، من دون بقيّة إخوانه، الذين هم كذلك سادة أجلَّاء، ولكن كان الأمر ربّانيًّا في إمامة الحَسَن العَسْكَرِيّ (عليه السَّلَام)، لاجتماع خِلال الفضل فيه وتقدمه على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقتضي له الرياسة[3].
فكان (عليه السَّلَام) نِعمَ الإمام الزّكيّ النَّقِيّ والفاضل، وكان (عليه السَّلَام) خير إمام يٌقتدَى به.
وهناك رّوايات وأحاديث كثيرة نصَّت على إمامة الحَسَن العسْكَرِيّ (عليه السَّلَام)، ولقد رُويَ عن الإمام الهَادِيّ (عليه السَّلَام) عشرات الأحاديث تدل على إمامة العسكريّ (عليه السَّلَام)، وتناقل الكليني والمفيد والطّوسيّ وغيرهم هذه الحقيقة، وأفردوا أبواباً خاصّة بذلك، ووضع الكليني بابًا خاصًّا نقل فيه أحاديث النَّص على العسكريّ (عليه السَّلَام) وإمامته[4].
فروي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَسَارٍ الْقَنْبَرِيِّ، قَالَ: (أَوْصَى أَبُو الْحَسَنِ (عليه السَّلَام) إِلَى ابْنِه الْحَسَنِ العسكريّ (عليه السَّلَام)، قَبْلَ مُضِيِّه بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وأَشْهَدَنِي عَلَى ذَلِكَ وجَمَاعَةً مِنَ الْمَوَالِي)[5].
وعن النوفلي، قال: (كُنْتُ مَعَ أَبِي الحَسَن (عليه السَّلَام) في صحن داره، فَمَرَّ مُحَمَّد ابْنُه (عَلَيْهِمَا السَّلَام)، فَقُلْتُ لَه: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَذَا صَاحِبُنَا بَعْدَكَ؟ فَقَالَ (عليه السَّلَام): ((لَا، صَاحِبُكُمْ بَعْدِيَ الْحَسَنُ)))[6].
وصف الإمام الهَادِيّ (عليه السَّلَام) للإمام العَسْكَرِي (عليه السَّلَام):
وصف الإمام الهاديّ (عليه السَّلَام) لأصحابه أنّ الأمر بعده إلى الأكبر من ولده، ولكنّهم لم يلتفتوا إلى أنّ الأكبر من ولده بعد حياته وليس في حياته، بقرينة أنّ الأمر بعده - أي بعد حياته - فتمسّكوا بالسَّيِّد مُحَمّد (عليه السَّلَام)، الذي كان أكبر ولده في حياته، ولكن بعد وفاة محمّد في حياة أبيه أصبح الإمام العَسكريّ (عليه السَّلَام) هو الأكبر في ولد الإمام الهَادِيّ (عليهم السَّلَام)، وجعل الإمام عَلِيّ الهَادِيّ (عليه السَّلَام) له علامة، بأنّه (عليه السَّلَام) الذي يصلّي عليه بعد مماته، فيقول عبد الله بن محمّد الأصفهاني: (لمّا استشهد الإمام الهَادِيّ (عليه السَّلَام)، خرج أبو مُحَمّد الإمام الحَسَن العَسْكَرِيّ (عليه السَّلَام)، فصلّى عليه (صلوات الله تعالى عليه))[7].
نكتفي بهذا القدر من الروايات الدَّالة على إمامة الإمام الحَسَن العَسْكرِيّ (عليه السَّلَام)، وأيضًا نكتفي بهذا القدر من الكلام عن شخصه الكريم (عليه السَّلَام)، ونسأل الله تعالى بمُحَمَّد نبيّه وصفيّه وآله وعترته الأطهار (صلَّى الله عليه وعليهم أجمعين)، أن يتقبّله منَّا بأحسِن قبول إنَّه سميعٌ مُجِيب...
الهوامش:
[1] منتهى المطلب، العلَّامة الحلّيّ: 2/895.
[2] سورة ص: 26.
[3] نشأة الشِّيعة الإماميَّة، نبيلة عبد المنعم داوود: 271.
[4] ينظر: دفاع عن التَّشيّع، السَّيِّد نذير يحيى الحُسَينيّ: 251.
[5] الكافي، الشَّيخ الكُلينيّ: 1/325.
[6] المصدر نفسه: 1/325-326.
[7] ينظر: دفاع عن التَّشيّع، السَّيِّد نذير يحيى الحُسَينيّ: 251.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2326 Seconds