علي عباس فاضل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد
أهل البيت (عليهم السلام) هو الطريق المنير والسبيل إلى طاعة الله وعبادته، وهم المثل الأعلى في مكارم الأخلاق، أسوة بجدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسنركز في هذه الأسطر على مكارم الأخلاق في أقوال وحكم الإمام العسكري (عليه السلام).
فقد ورد عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قوله في بيان منزلة الإمام ووجوب معرفته: (أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه)([1])، فالانقطاع عن الإمام يجعل الإنسان في متاهة الحياة فيما يستجد عليه، فيضل السبيل إلى الله تعالى، وهذا يؤدي به إلى التهلكة.
وقال (عليه السلام) في الحث على الصبر، (ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فإن لكل يوم رزقا جديدا)([2])، فالصبر على الحاجة خير من المسألة حتى يأتي الرزق من الله، ليغنيك عن المسألة.
ولا بد على المؤمن أن يشكر على النعمة التي أنعمها الله، فالشكر دلالة على المعرفة بقدر النعمة، يقول (عليه السلام) في ذلك: (لا يَعرِفُ النِّعمَةَ إلاّ الشاكِرُ، ولا يَشكُرُ النِّعمَةَ إلاّ العارِفُ)([3])، فالشاكر هو العارف والعكس صحيح.
ويحذر الإمام العسكري (عليه السلام) من الغضب فهو الأداة التي تسبق كل شر ومصيبة، فيقول: (الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ)([4])، فالغضب يذهب العقل عن الإنسان ما يجعله عرضة لارتكاب الذنوب بالكلم أو الفعل.
ويذكِّر الإمام بحسن الجوار، ولا بد للجار أن يستر ما يراه من جاره إن كان فيه سيئة، وان ينشر ما يراه من محاسنه يقول في ذلك: (مِنَ الْفَوَاقِرِ الَّتِي تَقْصِمُ الظَّهْرَ جَارٌ إِنْ رَأَى حَسَنَةً أَطْفَأَهَا وإِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا)([5]).
أما تربية الأولاد فكان لها نصيب في حكم الإمام العسكري (عليه السلام): إذ يقول: (جُرْأَةُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فِي صِغَرِهِ تَدْعُو إِلَى الْعُقُوقِ فِي كِبَرِهِ)([6])، فالجرأة التي يتعلمها الطفل في صغره ستستمر معه حين يكبر وتؤدي به إلى عقوق الوالدين، فلا بد من تربية الأولاد تربية صالحة تجعلهم بارين بوالديهم.
وحكم الإمام (عليه السلام) أكثر من أن تعدد في مؤلفات، وهذا نزر منها، يذكر الإمام (عليه السلام) أهمية السلام وهو من التواضع يقول (عليه السلام): (مِنَ التَّوَاضُعِ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ تَمُرُّ بِهِ والْجُلُوسُ دُونَ شَرَفِ الْمَجْلِسِ)([7])، ومن الامور التي نهى عنها الضحك من دون سبب وجعله من الجهل: (مِنَ الْجَهْلِ الضَّحِكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ)([8]).
وختاما يبين الإمام (عليه السلام) لنا صفات المؤمن وأولها صفة الورع يقول (عليه السلام): (أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ عَلَى الْفَرَائِضِ، أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ، أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ)([9])، وأن يقدم له الموعظة سرا لا علانية يقول (عليه السلام): (مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرّاً فَقَدْ زَانَهُ ومَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ شَانَهُ)([10])، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
([1]) سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار: 8/ 742.
([2])ميزان الحكمة: 2/ 1224.
([3]) أعلام الدين: 313، ميزان الحكمة: 6/ 9.
([4]) مستدرك سفينة البحار: 2/ 598.
([5]) تحف العقول: 1/ 68.
([6]) تحف العقول: 1/ 69، ميزان الحكمة: 13/ 501.
([7]) موسوعة الإمام العسكري(عليه السلام): 3/ 299.
([8]) تحف العقول: 487، ميزان الحكمة: 1/ 466.
([9]) بحار الأنوار: 78/ 373، من كلمات الإمام الحسن العسكري: 108.
([10]) تحف العقول: 483.