بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي
«الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانح كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وأزل»([1]).
اللهم «أجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمُعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل»([2]) وعلى أهل بيته «أساس الدين وعماد اليقين»([3])
وبعد:
فإن الواصف لجمال علي الأكبر عليه السلام هو حجة الله على الخلق. بمعنى: أنه عليه السلام منزه من الخروج عن الحد الشرعي؛ فوصفه لم يكن لأنه والد يرى في ولده الجمال كحال أغلب الآباء؛ وإنما ينم عن واقع ثابت. بل هو مطابق لعين الواقع.
وعليه:
كيف بدا جمال علي الأكبر عليه السلام
كي نتصور هذا الجمال ونراه بعين القلب قبل عين قوة الخيال فلابد من التعرف على جمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
لأن علياً الأكبر كان أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
بل يدل لفظ المعصوم عليه السلام:
«وكنا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا إليه».
على التشابه السنخي وليس النسخي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أي: أنه كان عين جمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحيث لا يختلف فيه اثنان من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن النظر إليه يطفئ لهب الشوق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه سنخ منه وليس نسخاً فقد يكون النسخ يشابه الأصل بدرجات متفاوتة لكن السنخ هو من عين الأصل.
وهذا يكشف عن مدى الألم الذي خلفه فقد علي الأكبر على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولاسيما على قلب أبيه الحسين عليه السلام.
ثالثاً: صفة جمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أخرج الشيخ الطوسي عن الإمام علي بن موسى، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام - أنه قيل له -: «يا علي صف لنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كأننا نراه فإنا مشتاقون إليه». قال:
«كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون مشرباً بحمرة، ادعج العينين، سبط الشعر، كث اللحية ذا وفرة، دقيق المسربة، كأنما عنقه إبريق فضة، يجري في تراقيه الذهب، له شعر من لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره. شثن الكفين والقدمين، شثن الكعبين، إذا مشى كأنما ينقلع من صخر، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب، إذا التفت التفت جميعاً بأجمعه كله، ليس بالقصير المترد ولا بالطويل الممعط، وكان في وجهه تداوير، إذا كان في الناس غمرهم، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من ريح المسك ليس بالعاجز ولا باللئيم، أكرم الناس عشرة، والينهم عريكة، وأجودهم كفا، من خالطه بمعرفة أحبه، ومن رآه بديهة هابه، غرة بين عينيه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وآله وسلم([4])([5]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة بتحقيق الشيخ قيس العطار: ص179: طبعة العتبة العلوية.
([2]) المصدر السابق: ص170.
([3]) المصدر السابق: ص432.
([4]) الأمالي للطوسي رحمه الله: ص 341. الكافي: ج 1، ص 443 عن الباقر عليه السلام. مسند زيد بن علي: ص 429. عيون أخبار الرضا عليه السلام للصدوق: ج 2، ص383. معاني الأخبار: ص 81. مناقب الإمام علي للكوفي: ص 19. مكارم الأخلاق للطبرسي: ص 12. المناقب لابن شهر: ج 1، ص 135. البحار: ج16، ص144 وص 165. موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام: ص 684. مسند احمد بن حنبل: 1 / 96 و 101 و190. سنن الترمذي: ج 5، ص 259 / 260. مجمع الزوائد للهيثمي: ج 8، ص 272. المصنف لابن أبي شيبة: ج 7، ص 445. الشمائل المحمدية للترمذي: ص17. صحيح بن حيان: ج 14، ص 217. الشفا للقاضي عياض: ج 1 / ص106. الاستذكار لابن عبد البرّ: ج 8، ص331. أسد الغابة: ج 1، ص 25.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الجمال في عاشوراء، للسيد نبيل الحسني: ط: العتبة الحسينية المقدسة. ص109-111.