من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: الأمر قريب والاصطحاب قليل

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: الأمر قريب والاصطحاب قليل

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-03-2021

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((الأمر قريب[1] والاصطحاب قليل)).
الدعوة إلى الاستعداد للقاء الله تعالى وعدم الركون التام إلى بهارج الدنيا وملذاتها لأنها زائلة يفارقها الإنسان إلى حيث السؤال والجزاء، فلا بد للإنسان العاقل أن يستعد لذلك فلا يقطع حبل الصلة بينه وبين الآخرة ومتعلقاتها في الدنيا، بل عليه أن يعيش دنياه في الدنيا وأن يعيش آخرته في الدنيا وذلك بأن يوفي كل واحدة حقها -قدر الإمكان- ولا يجري مع الدنيا على أساس أنها الدائمة فإنه مهما بقي فيها فسيرحل حتماً؛ إذ أن الموت منه قريب بحيث يفاجأه في أية لحظة يقدّرها الله تعالى، وكل آت قريب فيعني ذلك أن موعد الحساب وهو يوم القيامة قريب أيضًا فلا مجال للتراخي في تأدية الواجبات والتزود بزاد الآخرة والخروج عن التبعات التي تثقله أخروياً والتخفف عن الأوزار التي ترهقه لدى المساءلة الإلهية.
ثم أنه من الطبيعي جداً قلة المكث في الدنيا إذا كان الموت قريباً فمن يعمر في الدنيا مهما بلغ عمره فهو كضيف في الدار لابدّ له -يوماً ما- من الرحيل والانتقال إلى حيث البقاء الأبدي.
فالدعوة تتضمن تحذيراً وتذكيراً:
فالتحذير من الاغترار بالدنيا والتصديق بوعودها فإنها إذا تشوفت[2] وتبسمت لأحد ظنّ صدقها وأنها على هذا الحال دائماً بينما الأمر مختلف تماماً إذ إنها خدعة يصطاد بها الغافل والمغفّل فعما قريب يترك الإنسان كل ما يعزّ عليه من أولاد، مال، منصب، زوجة، جاه... فإن اصطحابها وكينونتها معه أمر موقوت فليحذر العقل.
والتذكير بقرب موعد الرحيل إلى دار البقاء ليتهيأ الإنسان ويستعد لسفر طويل لا يمكنه معرفة جهته، فإما إلى الجنة أن أعّد نفسه أو إلى النار -والعياذ بالله- إن غفل واطمأن للدنيا[3].

الهوامش:
[1] كناية عن مفارقة الحياة وانتهائها الذي يعبر عنه أحياناً بالموت وأحياناً بيوم القيامة.
[2] أي تزينت. لاحظ المنجد ص408 مادة (شاف).
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص104-106.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2356 Seconds