أثر العامل الوراثي في القيادة العسكرية، العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أنموذجاً

آل علي عليهم السلام

أثر العامل الوراثي في القيادة العسكرية، العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أنموذجاً

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 17-03-2021

بقلم: محمد حمزة الخفاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
إن الله سبحانه وتعالى جعل لكل شيء قانوناً وأمرنا بإتباع هذه القوانين ومنها قانون الوراثة وقانون الاكتساب، فالله سبحانه وتعالى من خلال أنبيائه ورسله أمرنا أن نختار لنطفنا كي يكتسب الجنين الصفات الطيبة الطاهرة.
والله سبحانه وتعالى كان ينقل أنبياءه وأولياءه من أصلاب شامخة الى ارحام مطهرة، ذلك لأهمية الأمر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حق أصلاب الأنبياء:
«فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ مُسْتَوْدَعٍ، وأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ، تَنَاسَخَتْهُمْ كَرَائِمُ الأَصْلَابِ إِلَى مُطَهَّرَاتِ الأَرْحَامِ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ سَلَفٌ، قَامَ مِنْهُمْ بِدِينِ الله خَلَفٌ»[1].

ولو تصفحنا تاريخ الأنبياء والمعصومين الذين ابتلاهم الله بأزواج ضالات، لم نجد أيـّـاً من هؤلاء الأطهار، أصبح لديه مولود من تلك النساء الضالات، فهذا مؤشر قوي على أن الام تنقل الصفات السلبية لدى الجنين لذا اختار الله سبحانه للأنبياء والمعصومين أشرف النساء وأطهرهن وأطيبهن.
وكان (صلى الله عليه وآله)، يأمر الناس باختيار الزوجة الطاهرة في المنبت الطاهر أي ليس فقط اختيار الزوجة بل اختيار العشيرة الصالحة والنظر الى العامل الوراثي لأن من طبيعة الجنين الاكتساب من خلال الوراثة.

 قال ابو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) «سأل عبدالله بن صوريا رسول الله فقال: (أخبرني يا محمد الولد يكون من الرجل أو المرأة؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اما العظام والعصب والعروق فمن الرجل وأما اللحم والدم والشعر فمن المرأة، قال: صدقت يا محمد، ثم قال: فما بال الولد يشبه اعمامه ليس فيه من شبه أخواله شيء، ويشبه أخواله وليس فيه من شبه اعمامه شيء فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له فقال: صدقت يا محمد  ..»[2].
وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين»[3].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «تزوجوا في الحجز الصالح، فإن العرق دساس»[4].
 فنجده (عليه السلام) كان يتبع هذا القانون السماوي ويتبع ما أوصى به النبي فقبل أن يشرع الإمام بالزواج أراد امرأة طاهرة فاضلة لها نسب عريق كي تنجب له ولداً يكون لأخيه عوناً وسندا، كما كان هو عوناً وسنداً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لذا استشار أخاه عقيلاً، فهو عارف بأنساب العرب كي يختار امرأة ولدتها الفحول لتلد له فحل الفحول.
ومن خلال هذا المخطط وما رسمه أمير المؤمنين (عليه السلام) لا مجال بأن المولود القادم سيكون بطلاً قاهراً شجاعاً مختلفاً عن غيره من الناحية الجسمية والنفسية، فأبوه فحل الفحول وآباؤه هم فحول العرب فبهذا الجانب ضمن الإمام سلامة الجانب الوراثي.

روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأخيه عقيل، وكان نسّابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم: «أُنظر إلى امرأة وقد ولدتها الفحول لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً» فقال له: تزوّج (أُمّ البنين الكلابيّة) فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها[5]. ([6]).

الهوامش:
[1] نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح، الخطبة 94  ص139.
[2] الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج1، ص48.
[3] الكافي، ج5، ص332.
[4] مكارم الاخلاق، الشيخ الطبرسي، ص197.
[5] عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، ص357؛ قاموس الرجال، محمد تقي التستري، ج12، ص195.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: صناعة القائد في فكر الإمام علي عليه السلام، للباحث محمد حمزة الخفاجي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص35 – 36.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2493 Seconds