من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب: قال (عليه السلام): ((إنّ المؤمِن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه ظنون عنده))

مقالات وبحوث

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب: قال (عليه السلام): ((إنّ المؤمِن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه ظنون عنده))

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-12-2021

بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
صيغة (فَعُول) من صيغِ المُبالغةِ الَّتي تدلُّ على من دامَ منهُ الفعلُ أو أكثرَ منه أو قوي عليه، ويوصفُ بها المُذكَّرُ والمؤنَّثُ فلا تلحقها التَّاء([1])، نحو: (رجـلٌ صبورٌ، وامـرأةٌ صبورٌ، وشكـورٌ، وغفـورٌ...)، ولا يُجمعُ جمعَ مذكَّرٍ سالمًا؛ مراعاةً للأصلِ الَّذي نُقِلَ عنه، وهـو أسمــاءُ الــذَّواتِ، الصَّــبرُ، والشُّكــرُ، والمغفـــرة ([2])،وقــد تكرَّرت هـــذه الصِّيغة في المرويَّات(تسع) مرَّاتٍ.
   قالَ ابنُ منظور في بيانِ معنى(الظَّنّ): «ومِنْهُ قَوْلُهُمْ: الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ. وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ،(كرَّم الله وجهَه): إِن المُؤْمِنَ لَا يُمْسي ولا يُصْبِحُ إِلَّا ونَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ، أَي: مُتَّهَمَة لَدَيْهِ»([3])
في الحديثِ كلمةٌ على زِنةِ(فَعول) هي(ظَنُـون)، وهي من أبنيةِ المبالغةِ، ومشتقَّةٌ من الفعلِ الثُّلاثيّ(ظَنَّ)، بمعنى، اتَّهمَ، أيْ: كثيرُ(الاتِّهام)([4])، أرادَ الإمامُ(عليه السَّلام)، أنْ يصفَ لنا حَالَ المؤمنِ الحقيقيِّ، الَّذي لا تغرُّهُ نفسُهُ، وما تحوي من إيمانٍ، وهذا البعدُ الأخلاقيُّ جَاءَ مناسبًا التَّعبير الَّذي أوردهُ بصيغةِ المبالغةِ الَّتي تُعطينا دَلالةَ الثُّبوتِ والتَّجدُّدِ، فهو يُمسي متَّهمًا نفسَه، ويُصبحُ وهو على اتِّهامِهِ إيَّاها بالتَّقصيرِ والابتعادِ عن السَّاحة الإلهيَّة، وهذا يُعطيها(النَّفس) جانبًا كبيرًا من التَّرويضِ، والتَّزودِ بالطَّاعاتِ، والابتعادِ عن المعاصي، وهو ما يُسمَّى بـ(محاسبةِ النَّفسِ)، إذ المعنى حقيقيّ لا مجازَ فيه، والمرادُ أنَّ المؤمن سيِّئ الظَّنِّ بنفسه([5]).

 الهوامش:
[1]   ينظر: إسفار الفصيح، للهروي(ت433هـ): 2/784، و التحليل اللغوي في ضوء علم الدَّلالة: 87.
[2]   ينظر: معاني الأبنية: 116.
[3]   لسان العرب،(ظنّ): 13/274.
[4]   ينظر: التهذيب(ظن): 14/260، ومعجم اللغة العربية المعاصرة(ظ ن ن): 2/1441.
[5] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 58 – 59.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2984 Seconds