من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث: وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ العَرب، ويَآفِيخ الشَّرَف

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث: وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ العَرب، ويَآفِيخ الشَّرَف

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 18-01-2022

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ورد حَدِيث الإمام عَلِيٍّ (عليه السلام) مخاطبا أصحابه في بعض ايام صفين وهو يحثهم على القتال قوله: ((وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ العَرب، ويَآفِيخ الشَّرَف...))[1]
التركيب الغريب الذي ورد في حديثه (يَآفِيخ الشَّرَف)، والـ(يَآفِيخ) جمع كما ورد في اللغة من: أفخَ يأفخُ أفخاً، والْيَأْفُوخُ: هو ملتَقَى عَظمُ مُقَدَّم الرأْس وعَظْمُ مؤَخَّرِه، حيثُ يكون لَيِّناً منَ الصَّبِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الهامة والجبهة[2]. و((اليأْفُوخ فهو على تقدير يَفْعُول...))[3] وقال ابن الأثير(اليأفوخ): ((هُوَ المَوْضِع الَّذِي يَتَحرّك مِنْ وَسَطِ رَأسِ الطِّفلِ، ويُجْمع عَلَى يَآفِيخِ))[4].
وإذا تأملنا نص الحديث نجد أن بناء التركيب له أثر كبير في دلالة لفظة (يآفيخ) وتحوّل المعنى بتغيير عناصر التركيب المحيطة باللفظة، فالسياق هو الذي حدَّد معنى الكلمة[5]، ويتضح من كلامه (عليه السلام) أنّه وظِّف هذا التركيب لغرض المدح، حين اسْتَعار للشَّرَف رُؤُوساً وجَعَلَهُم وسَطَهَا وأعْلاها[6]، وإن اضافة الكلمة الى مفردة (الشرف) هي التي اعطتها هذه الدلالة، لذلك يمكن ان نقول ان استعمال الإمام (عليه السلام) كان للدلالة على السيادة فحسب فاذا اضيف الى الشرف كان دلالة على سيادة الشرف، وإذا اضيف الى غير ذلك تكون السيادة له، فلو أنّه (عليه السلام) كان في معرض ذم وقال (انتم يآفيخ الشر)،ماذا سيكون؟ بالتأكيد المعنى يتغير بتغيير العناصر المحيطة باللفظة. وبذلك يكون الإمام قد قرر- بفصاحته وبلاغته -أصلاً لاستعماله دلالته على الشرف والسيادة، ولبيان علو رتبة  هؤلاء القوم من اصحابه وسبقهم شرفا، ومنزلة على أعراب أهل الشام ولذا لا يمكن ان يكون هذا التركيب إلا لغرض المدح؛ لأنَّه يدلُّ على العلو والارتفاع[7].

الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/ 291، نهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد: 7/180، لسان العرب: 3/5 والخطبة في نهج البلاغة لمحمد عبده لم يذكر (يآفيخ الشرف): 2/ 3-4.
[2] ينظر: تهذيب اللغة (افخ): 4/ 240، ولسان العرب: (أفخ)، 3/5.
[3] العين (افخ ): 4/311، وينظر: المخصص: 1/55.
[4] النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/291.
[5] ينظر: علم الدلالة: بيير جيرو: 193.
[6] ينظر: النهاية في غريب الحديث والاثر: 5/291، ولسان العرب: 3/5.
[7] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 70 –71.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3020 Seconds