بقلم السيد: نبيل الحسني الكربلائي
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدّم من عموم نِعَمٍ ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها والصلاة والسلام على حبيبه المنتجب ورسوله المصطفى أبي القاسم محمد وعلى آله أساس الدين وعماد اليقين.
وبعد:
فان من أثار مقبولية النص عند حبيب الله الخوئي أي في تولية أمير المؤمنين للحسن والحسين (عليهم السلام) على أمواله وصدقاته هو امتيازه في التركيز على أظهار قصدية منتج النص(عليه السلام) في دلالة الحرمة -كما مرَّ بيانه في الباب الأول من هذا الفصل-فقد بين المتلقي هنا أن قصدية الحرمة ترتكز على كونهما حجتا الله على خلقه وأن هذه الحرمة لا تنفك عن حرمة الشريعة، أي حرمة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأنبيائه ورسله (عليهم السلام).
وأن حفظ هذه الحرمة يقصد به عدم خلو الأرض من حجة كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن فروخ الصفار عن الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) حينما سأله سليمان الجعفري قائلاً:
(قلت: تخلو الأرض من حجة الله؟
قال: «لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها»)[1].
فهذه قصدية منتج النص في أصل التولية، وهذا غرضه في التعامل مع الحسن والحسين (عليهما السلام) طيلة حياته الشريفة، وهو ما فهمه حبيب الله الخوئي من تلقيه لهذا النص، فقال:
(وكان لأمير المؤمنين فيهما شأناً خاصاً، وقصداً تاماً، ومزيد اهتمام، وزيادة عناية يخصهما بها دون سائر بنيه ، تشريفاً لوصلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتنبيهاً وأعلاماً بمقامها الشامخ ومنزلتهما السامية.
حتى أنه (عليه السلام) كان يضن بهما عن الحرب والقتال لئلا ينقطع نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذه الأمة فإن نسله من الحسن والحسين وتسعة من أولاد الحسين بعد أبيهم أبي الائمة علي (عليه السلام)، هم حجج الله تعالى واحداً بعد واحد على عباده ولم تخلُ الأرض من حجة الله على عباده قط ولا يخرج الحجة من بيت النبوة قط)([2]).
أذن:
هي الإمامة بعد النبوة، وهي التي كانت السبب في توليتهما على أموال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فبهذا اختلفا عن بقية أولاده، أما من حيث الأستحقاق في المال فجميع أبناءه سواء، كما صرَّح بذلك منتج النص (عليه السلام):
«وأن الذي لأبني فاطمة مثل الذي لبني علي».
لكن الفارق هو كونهما إمامان بعد أبيهما، فلزم جعل التولية لهما حصراً.
وهذا الذي قصده منتج النص وأراد من المتلقي -على اختلاف الأزمنة- فهمه وحفظه وصيانته ، فسوف يسألون عن ذلك كما جاءهم القرآن بالتحذير والاخبار عن السؤال يوم القيامة؛ قال تعالى:
﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾.
ثبتنا اللهم على ولايتهم وأماتنا على إمامتهم، وحشرنا معهم، ورزقنا شفاعتهم ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.([3]).
الهوامش:
[1] بصائر الدرجات: ص509.
[2] منهاج البراعة: ج18 ص372.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فاطمة في نهج البلاغة، للسيد نبيل الحسني: ط: العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة. ج5 ص136 -138.