بقلم: الدكتور علي الفتال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الاخيار الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم والناصبين لهم العداء الى قيام يوم الدين.
أما بعد:
فقد روي أن أعرابياً جاء إلى الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم في عام جدب فقال:
أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا صبي يرتضع ولا شارفٌ يجتر ثم أنشده (14/80-81):
أتيناك والعذراء تدمي لبانها وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل
وألقى بكفيه الفتى لاستكانةٍ من الجوع حتى ما يُمرُّ ولا يُحلي
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل العامي والعِلهِز الفسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، مريئاً هنيئاً، مريعاً سحاً سجالاً، عذقاً طبقاً قاطباً دائماً دراً تحيي به الأرض، وتنبت به الزرع، وتدر به الضرع، وأجعله سقياً نافعاً عاجلاً غير رائث، فوالله مارد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم يده إلى نحره حتى ألقت السماء أوراقها، وجاء الناس يضجون:
العذق العذق يا رسول الله!
فقال:
- اللهم حوالينا ولا علينا.
- فانجاب السحاب عن المدينة حتى استدار حولها كالإكليل، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال.
- لله در أبي طالب!لو كان حياً لغَرّت عينه، من ينشدنا قوله؟
فقام عليٌ فقال:
- يا رسول الله لعلك أردت:
وابيض يستسقي الغمام بوجهه.
قال:
- أجل.
فأنشد أبياتاً من هذه القصيدة ورسول الله يستغفر لأبي طالب على المنبر.
ثم قام رجل من كنانة، فأنشده (14/81):
لك الحمد والحمد ممن شكر سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة إليه، وأشخِص منه البصـر
فما كان إلا كما ساعةٍ أو اقصـر حتى رأينا الدرر
دقاق العزالى وجم البعاق أغاث به الله عليا مضـر
فكان كما قاله عمّه أبو طالب ذو رواءٍ غرر
به يسـّر الله صوب الغمام فهذا العيان وذاك الخير
فمن يشكر الله يلق المزيد ومن يكفر الله يلق الغير [1]
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج2، ص 31-33.