بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
الدعوى إلى التحلي بعدة أمور مهمة في حياة الإنسان إذ تكسبه ثقة الآخرين ومودتهم واحترامهم وهي:
أولاَ: كتما السر إذ لا بد للعاقل أن يحافظ على أسراره ويكتم كل ما من شأنه أن يؤثر عليه ويشكل نقطة ضعف له فلا بد له من استيعاب الأمر جيداً لئلا يفشي سراً قد يتضرر به هو أو غيره لأنه في كثير من الحالات قد يفشي أمراً مكتوماً يؤدي إلى تلف الأنفس أو الأموال إذ لا بد من إقفال الصندوق جيداً بما يجعل ما فيه مستوراً عن الغير.
ثانياً: أن يكون الإنسان بشوشاً طلق الوجه، تعلو وجهه الابتسامة، وبذلك يجر مودة الآخرين ومحبتهم وهو شيء ثمين يحرص الكثير على كسبه وحيازته لأنه يشكل بمجموعه العام رصيداً اجتماعياً مهماً يمكن الاعتماد عليه في مشاكل حياتية تواجه الإنسان ويكون ملجأه – بعد الله تعالى – رصيده لدى الناس وما يحتفظون به من مودة واحترام وتقدير وتكريم بما ينفع في غالب القضايا المواجهة.
ثالثاً: سعة الصدر والقدرة على امتصاص مشكلات الآخرين، ومعاونتهم ولو بالإصغاء إليهم مما يجب الإنسان إلى النفوس.
وسعه الصدر سواء في الإعضاء عن الإساءة وعدم المجابهة أو في عدم مواجهة الغير بمواطن عيوبه ونقصه، كل ذلك يوفر للإنسان حماية واقية عن خوض الناس في عيوبه.
وقد ورد في كثير من نسخ نهج البلاغة (والمسالمة خباء العيوب) مما يؤكد نفس المعنى بحيث لا يفقد الإنسان السيطرة على التحمل فيكسب بذلك ستر الناس عيوبه وعدم الكشف عما يكره مما يخصه .
رابعاً: التوازن في تعامل الإنسان مع ذاته فلا يعيش معها، ولها، فقط بل لا بد من أن يعرف جيداً أن هناك من يراقب سير الأحداث فيقيم الحالة سواء ايجابياً أم سلبياً بما يعني أن يتعامل الإنسان مع نفسه بما يجعلها متجهة نحو العمل الأحسن فلا يقنعها بأنها بلغت الغاية ووصلت المرام وأنها تفوق الغير وأنها أحسن من الغير و...و... مما يحلو لبعضهم أن يسمعه من غيره أو أن يسمعه هو لنفسه بما يسد لديه فراغاً نفسياً يعانيه وهذا من أشد الأخطاء لأنها تسد على الإنسان منافذ العمل، والمثابرة على الإنتاج الأفضل فيكتفي بما قدم.
مضافاً إلى أن من تعود كيل المديح لنفسه والرضا عن إنجازاتها وعما وصلت إليه سيخسر الآخرين لأنه بالضرورة سيقلل من شأن الغير وانجازاته مما يفقده بعض احترامهم أو يتشنج معهم في العلاقات فيخسر رضاهم فيسخطون عليه فيكون بذلك جالباً لنفسه دعايات مضادة كفيلة بتحطيمه أو تحجيمه[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 205 -207.