من آثار نهج البلاغة في المستوى التعبدي لدى المفسرين خامساً: التوسل إلى الله تعالى

مقالات وبحوث

من آثار نهج البلاغة في المستوى التعبدي لدى المفسرين خامساً: التوسل إلى الله تعالى

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 28-11-2022

بقلم م. م. الشيخ محسن الخزاعي- جامعة الكوفة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين أساس الدين وعماد اليقين.

أما بعد:
قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَهِدُوا فِى سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([1]).
إِنّ أهم موضوع تناولته هذه الآية، هو الدعوة الموجهة للإِنسان المؤمن لاختيار طريقة تؤدي به إلى التقرب لله سبحانه وتعالى، إذ تتضمن تكاليف ثلاثة يؤدي الالتزام بها وتطبيقها إلى نيل الفلاح، وهذه التكاليف هي:
إتباع الحيطة والتقوى، كما تقول الآية: {يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله...}..
اختيار وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، حيث تقول الآية: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ...}.
الجهاد في سبيل الله، إذْ تقول الآية: {وَجَهِدُوا فِى سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([2]).

قال الشيخ مكارم الشيرازي:)) فكلمة (الوسيلة) في الأصل بمعنى نشدان التقرب أو طلب الشيء الذي يؤدي إلى التقرب للغير عن ميل ورغبة، وعلى هذا الأساس فإِنَّ كلمة (الوسيلة) الواردة في هذه الآية لها معان كثيرة واسعة، فهي تشمل كل عمل أو شيء يؤدي إلى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وأهم الوسائل في هذا المجال هو الإيمان بالله وبنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم والجهاد في سبيل الله، والعبادات كالصّلاة والزكاة والصوم، والحج إلى بيت الله الحرام وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله سرّاً وعلانية وكذلك الأعمال الصالحة))([3]).

فهذا التعداد لمصاديق الوسيلة أفاده الشيخ مكارم من كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة إذْ قال مباشرة بعد تعداده لهذه المصاديق:" كما يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في خطبة له وردت في نهج البلاغة منها:" إِنّ أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإِنّه ذروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإِنّها الفطرة، وإقامة الصّلاة فإِنّها الملّة، وإِيتاء الزكاة فإِنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإِنَّه جُنّة من العقاب، وحج البيت واعتماره فإِنَّهما ينفيان الفقر، ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإِنَّها مثراة في المال ومنساة في الأجل وصدقة السرّ فإِنّها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإِنّها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإِنّها تقي مصارع الهوان"([4]).
ويلاحظ أنَّ هذا التفسير هو عين ما أشار له الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة، الأمر الذي يظهر للمتلقي حجم التأثر وحجم الاعتماد على كتاب نهج البلاغة في العملية التفسيرية على كل مستوياتها)[5].

الهوامش:
([1]) المائدة، 35.
([2]) ظ: الأمثل، 3 / 694.
([3]) الأمثل، 3/ 694.
([4]) الأمثل، 3/ 694، والنص في نهج البلاغة، 1/ 216.
([5] )لمزيد من الاطلاع ينظر: أثر نهج البلاغة في تفاسير الإمامية، الشيخ محسن الخزاعي، طبعة مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص  172-174.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4372 Seconds