بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..
وبعد:
فإن مما ورد في خطاب الإمام علي عليه السلام أنه كان يستخدم الأمثال التي وردت في القرآن وهذا يكشف عن اهتمامه عليه السلام بكتاب الله تعالى وتوظيف ما ورد فيه من أمثال ضمن ابعاد معرفية عدة، منها:
المثل المستعار، قوله تعالى: {وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ}.
قال عليه السلام: (وقد أدبرت الحيلة وأقبلت الغيلة ولات حين مناص، وهيهات هيهات وقد فات ما فات وذهب ما ذهب....)[1].
استعار الإمام هذه الآية الكريمة وكأنها مزيج من كلامه وهذا الأسلوب استعمله الإمام (عليه السلام) كثيراً في خطبه ومراسلاته، والمثل القرآني في هذه الآية واضح المعالم فهو يوضح للسامعين بأن الوقت ليس وقت فرار وقد استعار الإمام علي (عليه السلام) هذه الآية مرتين مرة في الخطبة المشار إليها ومرة في آخر كتاب أرسله إلى أحد عماله يعظه فيه (أما بعد فاني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي.... فكأنك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة يتمنى المضيع فيه الرجعة ولات حين مناص)[2].
استعارة الآية هنا من قبل الإمام (عليه السلام) كان للوعظ والتذكير ولا تحتاج إلى بيان إلا الإرشاد والعودة إلى جادة الصواب والتكفير عن الذنب لأن الوقت ليس وقت فراغ.
5-{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}[3]
في خطبة له في عجيب صنع الكون.
(وقائم لا يسري، تكركره* الرياح العواصف وتمخضه الغمام الذوارف إن في ذلك لعبرة لمن يخشى)[4]
استعارة الإمام لهذه الآية القرآنية في آخر هذه الخطبة كان من قبل التمثيل الوعظي الموجود في خضم آيات القرآن الكريم)[5].
الهوامش
[1]- نهج البلاغة: 2/394 خطبة (189).
[2]- نهج البلاغة، 3/555.
[3]- النازعات: آية 26.
* تكركر: تذهب به وتعود، نهج البلاغة ضبط محمد عبده، ص444
[4]- نهج البلاغة 2/444، خطبة، (209)
[5]- لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، 170-171.