مناقشة أقوال الآلوسي في تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام. رابعاً : مناقشة رده على الشيعة وتغليطه إياهم لإحتجاجهم ببقاء أزواج النبي صلى الله عليه وأله في بيوته.

مقالات وبحوث

مناقشة أقوال الآلوسي في تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام. رابعاً : مناقشة رده على الشيعة وتغليطه إياهم لإحتجاجهم ببقاء أزواج النبي صلى الله عليه وأله في بيوته.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-08-2023

بقلم: السيد نبيل الحسني.

في المورد الرابع الذي يدافع فيه الآلوسي عن خصوم فاطمة عليها السلام في تفسيره لقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 22] وقوله سبحانه: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ} [مريم:6]
فيقول: (ومن الشيعة من أورد هنا بحثاً، وهو: أن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] إذا لم يورِّث أحدًا فلم أعطيت أزواجه حجراتهن؟ والجواب: إنّ ذلك مغلّطة، لأن إفراز الحجرات للأزواج إنما كان لأجل كونها مملوكة لهنّ، لا من جهة الميراث، بل لأن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] بنى كل حجرة لواحدة منهنّ )[1] .

أقول:
1ـ إنَّ المغالطات هي منهج الذين ينتصرون لظلم من ظلم بضعة النبوة (عليها السلام) ، وليس منهج من أنتصر للشريعة وما فرضه الله تعالى من الحقوق لآل محمد صلى الله عليه وآله وأتبع في ذلك المنهج الذي سَنّهُ أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام للحارث بن حوط، فقال له: «لا يكن ملبوسا عليك ، إنّ الحق لا يعرف بالرجال، أعرف الحق تعرف أهله»[2] .
2ـ إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يملّك هذه الحجرات لأي امرأة من أزواجه في حياته ولم يهبها أيضاً، ولو كان لدى أعلام أهل السُنَّة حديث واحد ولو مرسل أو ضعيف لاحتجوا به على مخالفيهم بتمليك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الحجرات أو حجرة واحدة لأحد أزواجه، ولذا لم يستطع الآلوسي أن يستدل بحديث، بل عجز أن يأتي بقرينة تثبت هذا المدعى.
3ـ إنَّ القرآن ليعارض هذا المدعى ، فقد جعل الله عزّ وجل جميع بيوت النبي صلى الله عليه وآله توقيفية عليه ، وشرط على المسلمين الإذن في دخولها، فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب/53]، وقد خالفت عائشة القرآن فوضعت يدها على الحجرة النبوية وأدخلت إليها أباها وصحابه مع إقرار القرآن بوجوب الإستئذان من النبي صلى الله عليه وآله في حياته ، ومن وصيه عليه السلام بعد وفاته ، ومن هنا : أنكروا الوصية للنبي صلى الله عليه وآله كي يستبيحوا التصرف بأمواله ، ومنها بيوته فقالوا أنه وهبها أو ملّكها أزواجه ، وأنكروا على بنت النبي فاطمة عليها السلام ما وهبها النبي صلى الله عليه وآله أرض فدك [3].
فأصبح عندهم بقاء الأزواج في بيوت النبي بالهبة والتمليك، وصادروا أرض فدك لأن النبي لا يهب ولا يملّك ، فأي تغليط أعظم من هذا التغليط ؟!!
إلا أن المشكلة الحقيقة هي أنهم عرفوا الحق بالرجال ولم يعرفوا الحق للحق فانتصروا للباطل.
ومِنْ ثمَّ : لا يمكن دفع التوارث بين الأنبياء عليهم السلام في الأموال بعد إقرار القرآن والسُنّة واللغة بذلك ، إلا أن الحقيقة المرّة والتي لا مفرَّ منها ، هي : تضافر الأمة على هضم فاطمة (عليها السلام) وقد تجلّت في دفاعهم عن خصومها والانتصار لهم ، وهو ما صرّح به أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن واراها في الثرى ، فحوّل بوجهه إلى الروضة النبوية الشريفة ، فقال:
«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه عَنِّي، والسَّلَامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وزَائِرَتِكَ والْبَائِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ...»[4] إلى أن يقول:
«وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ [عليَّ] وعَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ»[5] «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين»[6] . [7]  

الهوامش:
[1] تفسير الألوسي : ج4 ص 220
[2] البيان والتبيين ، الجاحظ : ص491 ؛ تفسير السمعاني : ج1 ص72
[3] لمزيد من الاطلاع، ينظر: وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وموضع قبره وروضته بين اختلاف أصحابه واستملاك أزواجه، للمؤلف، إصدار قسم الشؤون الفكرية في العتبة الحسينية المقدسة، ط1 مؤسسة الأعلمي، بيروت -لبنان.
[4] الكافي ، الكليني : ج1 ص458 ؛الأمالي ، الشيخ المفيد: ص283 ؛  نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم 202 .
[5] نهج البلاغة، الشريف الرضي: الخطبة رقم : 202
[6] الأمالي ، الشيخ المفيد : ص282
[7] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقران والسُنّة واللغة ، السيد نبيل الحسني : 213 / 214 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة ، ط1 دار الوارث كربلاء - 2021م – مع بعض التصرف والإضافة- .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2578 Seconds