شرح حكم الإمام علي عليه السلام: الحكمة (12) قال عليه السلام (خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطةً إِنْ مِتّمُ مَعَها بَكَوا عليكُم، وإِنْ عِشْتُم حَنُّوا إِليْكُم)

سلسلة قصار الحكم

شرح حكم الإمام علي عليه السلام: الحكمة (12) قال عليه السلام (خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطةً إِنْ مِتّمُ مَعَها بَكَوا عليكُم، وإِنْ عِشْتُم حَنُّوا إِليْكُم)

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-09-2023

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

وبعد:
قال عليه السلام: خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطةً إِنْْ مِتّمُ مَعَها بَكَوا عليكُم، وإِنْ عِشْتُم حَنُّوا إِليْكُم[1]
خلط، مختلط بالناس: متحبب[2]، وورد في المصباح: أن المخالطة أراد بها: (المخالطة بمكارم الأخلاق).
والمعنى المستفاد من هذه الحكمة: الحث على التجمل في صحبة الناس ومخالطتهم بالأخلاق الفاضلة، التي تجعلهم يبكون على أصحابهم إذا ماتوا، ويحنون إليهم إذا ما غابوا، وهم أحياء، وهذا نظام الحياة الاجتماعية الصحيح إذ ينبغي أن لا يكون الناس ثقلاء على بعضهم.

 وربما نجد في رواية (غبتم) لبسا دلاليا، إذ قد يفهم من الغياب الموت. ولذا فإن رواية (عشتم) أأمن من وقع اللبس، كما أن تضاد الموت مع العيش أقرب من تضاده مع الغياب. فإن قيل وكيف يحن حي إلى حي معه؟ فالجواب: لا يشترط بـ (عشتم) تلاصق المكان بين الاثنين لكي يبعث على الملل، فقد يعيش واحـد في بلاد والآخـر في بلاد أخرى. كما أن الحنين لا يعني اشتراط البعد بل هو للبعد والقرب.

 وفي ما يخص رواية العيون (مخالطة جميلة) فإن السياق لا يتطلبها، كما لا يتطلبها الاختصار المعروف عن أسلوب الإمام (عليه السلام)، لأن مخالطة من هذا النوع هي مخالطة جميلة بالفعل، بدليل وجود قرينتي البكاء والحنين شوقاً إلى جمال الصحبة). وفي الرواية التي ذكرها ابن أبي الحديد فإن الخنين -بالخاء المعجمة- وهو صوت البكاء ليلاً - لا تستقيم دلالته مع تركيب الجملة، إذ يستدعي استبدال (إليكم) بـ (عليكم) لتكون العبارة (… خنوا عليكم) أي: بكوا. وهذا مما لم يشر إليه شارح)[3].

الهوامش:
[1] وردت في العيون ص 242 بلفظ: (غبتم) بدلا من (عشتم)، وزيادة كلمة (جميلة) بعد (مخالطة) أي (مخالطة جميلة). ومثله في الترجمة 2/420، وفي شرح الغرر 3 /452، ووردت في المنهاج 3/264 بلفظ: (فإن عشتم)، وروى ابن أبي الحديد في شرحه 18/107 وجها آخر لكلمة (حنوا) إذ قال: (ويروى خنوا). ووردت الحكمة بلفظ المتن في: شرح البحراني 5/244 والمصباح ص 579.
[2] العين: (خلط )4/219.
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص37-38.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2471 Seconds