بيان الإمام علي (عليه السلام) لسبب مضاعفة الله تيه بني إسرائيل على هذه الأمة.

مقالات وبحوث

بيان الإمام علي (عليه السلام) لسبب مضاعفة الله تيه بني إسرائيل على هذه الأمة.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-11-2023

بقلم: السيد نبيل الحسني.

كثيرة هي العوامل والأسباب التي تجر الناس إلى الضياع والتردي وأن طال الزمن أو أطمأن الناس ولا سيما البغاة والطغاة وهم آمنون مترفون فرحون بما بين يديهم ، وكأن الدنيا قد تعاقدت معهم على البقاء ، وكأنها خلقت لهم وخلقوا لها ، فكانوا في غفلة يستدرجهم الله إلى هلاكهم فيصيبهم بما جاهدوا وعملوا وكدوا وجهدوا من أجله وهو المال والسلطان .
وفي تشخيص ما تؤول إليه هذه الأمة من اتباعها للسنن التاريخية التي سارت عليها الأمم السالفة يقول عليه السلام:
«أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَعَمْرِي لَيُضَعَّفَنَّ لَكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَقَطَعْتُمُ الأَدْنَى وَوَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ»([1]).

وتشخيصه عليه السلام لسلوك هذه الأمة سنن من كان قبلها، لم يكن تشخيص المنّظر للأحداث التاريخية، وأحوال الأمم السابقة؛ وإنما تشخيص الخبير المتمرس. ولذا نجده يظهر الأسباب والنتائج، فيبدأ بذكر الأسباب، فيقول:
«أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ» «لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ، وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ».
وهذه النتيجة التي يرشد إليها النص الشريف تكشف عن تحرك السُنّة التاريخية في هذه الأمة وعن ظهور نتائجها في كل زمان ومكان.
ثم إنه عليه السلام لم يكتفِ بذلك فقط وإنما يظهر ما تؤول إليه مضاعفة النتائج، وذلك لترك الأمة صحوة ضميرها والسعي نحو التغير والإصلاح، فيقول عليه السلام:
«لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَعَمْرِي لَيُضَعَّفَنَّ لَكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَقَطَعْتُمُ الأَدْنَى، وَوَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ».

ويُظهر النص الشريف أن بعض السنن التاريخية المتعلقة بهذه الأمة تتضاعف فيها النتائج ، لدرجة يبدو فيها أن التدارك لهذه النتيجة صعب، إن لم يكن مستحيلا؛ والسبب يعود إلى تمسك هذه الأمة بالنهج الذي انتهجته، من جعلها الحق وراء ظهرها، وقطعها الأدنى ،أي القريب من الله ورسوله .، ووصلها ، أي مؤازرتها واتباعها للبعيد من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)[2] .
ومن ثمّ: لا ينجوا الإنسان إلاّ باتباعه الحق والتمسك بأهله، وخذلانه الباطل ونبذه لإهله، فإنها من أهم السنن التي أجراها الله تعالى في خلقه.

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام: من خطبة له أول خلافته عظم فيها حقه: ج 2، ص79، ح 166.
الكافي للشيخ الكليني رحمه الله: ج 8، ص 66، ح 22، وجاء فيه: «وَقَطَعْتُمُ الأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللَّهِ .».
[2] لمزيد من الاطلاع ، ينظر: حركة التاريخ وسُنَنه عند علي وفاطمة (عليهما السلام) ، السيد نبيل الحسني : ص63 – 64 اصدار العتبة الحسينية المقدسة ، ط1 مؤسسة الأعلمي ـ  بيروت /1430هـ ــ 2009م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3244 Seconds