بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
وبعد:
قال عليه السلام: قُرِنَتِ الَهيْبَةُ بالخَيْبَةِ، والفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ، فانتَهِزُوا فُرَصَ الخَيْرِ[1]
لخص البحراني المراد من هذه الحكمة بقوله: (أراد بالهيبة الخوف من المقابل وظاهر أن ذلك يستلزم عدم قضاء الحاجة والظفر بالمطلوب، لعدم الانبساط في القول معه، وهو معنى اقترانهما بالخيبة … وأمر بانتهاز فرص الخير أي المبادرة إلى فعله … ومر السحاب أي أنها سريعة الزوال) كما جاء في شرح البحراني، أي على الإنسان أن لا يمنعه عن حاجته الهيبة من الآخرين أو غير ذلك، لأن ذلك يحرمه من حاجته. وان الفرص سريعة الذهاب فاغتنامها في وقتها هو النجح وهو الظفر بالحاجة.
ولعل في رواية الحدائق التي لم تورد عبارة (الفرص تمرمر السحاب فاغتنموا فرص الخير) نقصا، لأن اغتنام الفرص توكيد على اغتنام الفرصة المتمثلة بالإقدام وعدم الهيبة، فالحاجة ربما استعصت في وقت معين، فينبغي الإقدام وانتهاز الفرص إن تكررت في وقت آخر. وإن الخيبة لا تكون الا بعد الأمل، والقنوط مبالغة في اليأس.)[2].
الهوامش:
[1] روي في العيون ص45: (الفرصة تمر مر السحاب)، وفي ص 38: (الهيبة مقرونة بالخيبة)، وروي في الدستور ص 17 عبارة: (الفرصة تمر مر السحاب)، وفي الحدائق 2/606: (قرنت الهيبة بالخيبة)، وكذلك في شرح الغرر 4/493، ورويت في مكان آخر 1/95: (الهيبة مقرونة بالخيبة)، وهي رواية أحادية، ورويت بلفظ المتن في: المنهاج 3/266، والترجمة 2/423، وشرح ابن أبي الحديد 18/131، وشرح البحراني 5/65، والمصباح ص 581.
[2] لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص45.