من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((يَسْقُمُ)) في قوله عليه السلام: «وَلْيَغْتَنِمْ كُلُّ مُغْتَنِمٍ مُنْكُمْ صِحَّتَهُ قَبْلَ سُقْمِهِ وَشَبِيْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ»

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((يَسْقُمُ)) في قوله عليه السلام: «وَلْيَغْتَنِمْ كُلُّ مُغْتَنِمٍ مُنْكُمْ صِحَّتَهُ قَبْلَ سُقْمِهِ وَشَبِيْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ»

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-01-2024

بقلم: الدكتور مصطفى كاظم شغيدل

الحمد لله الذي صدقنا وعده هي مقالة المتقين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد:
امتازت الخطبة المونقة لأمير المؤمنين عليه السلام والتي تسمى أيضا بـ(الخطبة الخالية من الألف) بكثرة الأفعال فيها، إذ وصلت إلى (170) فعل، فضلاً عما جاء مكرراً وبصيغة مختلفة؛ وهذه الخطبة مع أنها قيلت في موضع التندر لخلوها من الألف، غير أنها لم تكن خالية من الفكر بمختلف أبعاده، وهو على النحو الآتي:
قوله عليه السلام: «وَلْيَغْتَنِمْ كُلُّ مُغْتَنِمٍ مُنْكُمْ، صِحَّتَهُ قَبْلَ سُقْمِهِ، وَشَبِيْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ».

  يَسْقُمُ
تدلُّ مادَّة (يَسْقُمُ) في اللُّغة على ملازمة المرض، أَو طوله يُقال: سَقِمَ يَسْقَمُ سَقَماً، وسُقْماً وسقَاماً من باب تعب: طال مرضُه، وسَقُمَ سَقَماً من باب كَرُمَ كرماً فهو سقيم، ويتعدَّى بالهمزة والتَّضعيف. وأَسْقَمَهُ اللهُ إسقاماً فهو مُسْقَمٌ. والسُّقْمُ والسَّقَم لغات، والسَّقيم: المريض الَّذي ثابَتَهُ سَقَمُه، فلم يكد يفارقُه[1].
وجاء هذا الفعل (يسقم) مرَّةً واحدة في الخطبة مطابقاً دلالته اللُّغوية، وهي ملازمة المرض أَو طوله. وهو رابع الأَفعال الثــَّمانية الَّتي أَوردها أَمير المؤمنين (عليه السلام) في إرشاده معشر مَنْ كان عنده في مجلسه إلى اغتنام الصِّحة قبل السُّقم، والشَّبيبة قبل الهرم، والسَّعة قبل الفقر، والخلوة قبل الشُّغل، والحضر قبل السَّفر، إذ قال (عليه السلام): «وَلْيَغْتَنِمْ كُلُّ مُغْتَنِمٍ مُنْكُمْ، صِحَّتَهُ قَبْلَ سُقْمِهِ، وَشَبِيْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ، وَسَعَتَهُ قَبْلَ فَقْرِهِ، وخَلْوَتَهُ قَبْلَ شُغْلِهِ، وَحَضَرَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ، قَبْلَ هُوَ يَكْبُرُ وَيَهْرَمُ، وَيَمْرَضُ ويَسْقُمُ».
وقد قرن أَمير المؤمنين (عليه السلام) هذا الفعل (يسقم) بالفعل (يمرض)، وواضح أَنــَّه (عليه السلام) إنَّما فعل ذلك؛ لأَنَّ المرض بداية ضعف الإنسان أَو نقصان صحَّته، ثــُمَّ تصل به الحال إلى أَنْ يكون هذا المرض ملازماً له، ثابتاً، وهي حالة السُّقْمِ.
و(يسقم) فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً، تقديره هو، عائد إلى (هو) المتقدِّم في قوله: (قبل هو يكبر ويهرم). وجملة (يسقم) معطوفة على جملة (ويمرض).)[2].

الهوامش:
[1]. ينظر: العين: 1/384، وجمهرة اللغة: 1/475، وتهذيب اللغة: 3/173، والصحاح في اللغة: 1/321، ومفردات القرآن: 415، والمحيط في اللغة: 1/451، والمخصص: 1/416، 3/377، والمحكم والمحيط الأعظم: 3/8، وأساس البلاغة: 1/221 ولسان العرب: 12/288، والمصباح المنير: 4/266، والقاموس المحيط: 2/239، وتاج العروس: 1/7756.
[2] لمزيد من الاطلاع ينظر: الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام بين الدلالة المعجمية والاستعمال الوظيفي: للدكتور مصطفى كاظم شغيدل، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 167-168.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2582 Seconds