بقلم: د. حسام عدنان الياسري.
الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.
وبعد:
وَبَر
الوَبَر صوف الإبل ونحوها([1]). وجمل أوبَر إذا كان كثير الوبر([2]). ولفظة (وَبَر) من ألفاظ نهج البلاغة التي استعملت فيه ثلاث مرات([3]). دالة على صوف الإبل الذي يكون علامة من علامات البداوة ورعي الإبل؛ فضلاً عن الدلالة على البيوت والأخبية المتخذة من صوف الإبل، وهي المسماة بـ (الخيام). وقد استعمل الإمام المفردة المتقدمة مضافة إلى لفظة (بَيْت) إشارة إلى نمط صنعها، من جهة اشتمالها على صوف الإبل. وذلك في سياق كلامه عن ظلم بني أمية وإباحتهم المحرمات. يقول الإمام: ((وَاللهِ لاَ يَزَالُونَ حَتَّى لاَ يَدَعُوا للهِ مُحَرَّماً إِلاَّ اسْتَحَلُّوهُ... حَتَّى لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَر([4]) وَلاَ وَبَر إِلاَّ دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ وَنَبَا بِهِ سُوءُ رَعْيِهِمْ...))([5]) أراد أن ظلم الأمويين وإباحتهم الحمى غير مقتصر على مكان حكمهم، وإنما سيعم البيوتات جميعاً من حواضر المدن وقراها، فضلاً عن المنازل الواقعة في البوادي. وكنى عن ذلك بذكر لفظة (بيت) المضافة إلى مفردة (وَبَر) إشارة إلى مكان البادية الذين تكون فيها البيوت متخذة من صوف الأباعر.
أقول: وقد جاء التعبير نفسه في خطية أخرى للإمام (عليه السلام) يتحدث فيها عن ظلم الامويين، وذلك في (خ/158، 192).)([6]).
الهوامش:
([1]) ينظر: العين (وبر): 8/286، وتهذيب اللغة (وبر): 15/189.
([2]) ينظر: المخصص: م/ 2: س/7: 76.
([3]) ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة: 474.
([4]) المَدَر قطع الطين اليابس. ينظر: لسان العرب (مدر): 5/162، والمراد البيوت المصنوعة من الطين، وهي كناية عن القرى والحواضر من المدن.
([5]) نهج البلاغة: خ/98: 179.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 60-61.