من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليها السلام): ((فِيهِ ثلاثُ أَعْيُنٍ أَنْبَتَتْ بالضِّغْثِ))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليها السلام): ((فِيهِ ثلاثُ أَعْيُنٍ أَنْبَتَتْ بالضِّغْثِ))

863 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 15-04-2024


بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.

وبعد:
قالَ ابنُ منظور في بيانِ معنى كلمةِ(الضِّغْث): «وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ(عليه السَّلام) في مَسْجِدِ الكُوفَةِ: فِيهِ ثلاثُ أَعْيُنٍ أَنْبَتَتْ بالضِّغْثِ؛ يُرِيدُ بِهِ الضِّغْثَ الَّذي ضَرَبَ بِهِ أَيُّوبُ(عليه السَّلام) زوجتَه، والجمعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: أَضْغاثٌ»([1]).
قالَ الفراهيديّ في معنى(الضِّغْث): «والضِّغْثُ: قبْضَةُ قضبَانٍ يَجمَعُهَا أصْلٌ واحِد»([2])، مثل: «الأسلِ، والكُرَّاثِ، والثُّمام»([3]).
وممَّا وردَ من معاني(الضِّغْث) في التَّهذيبِ «الضِّغْثُ من الخَبرِ والأَمْر: مَا كَانَ مُخْتَلِطاً لَا حَقِيقَةَ لَهُ»([4])، ومن معانيها أيضًا «الحُلُمُ الَّذي لَا تأويلَ لَهُ ولَا خيرَ فِيهِ»([5]).
وهذه المعاني لكلمةِ (ضِغْث) لا يحدِّدُ معناها إلَّا السِّياقُ الواردةُ فيه، فإمَّا أنْ يأتيَ لفظٌ قبلها، أو بعدَها في الجملةِ الَّتي تردُ فيها، فيبيِّن دلالتَها المقصودةَ.
أمَّا ما جاءَ في حديث الإمام (أنْبَتَتْ بالضِّغْث)؛ فأراد بالضِّغْثِ النَّبات؛ بدليل السِّياقِ اللُّغويّ الَّذي وردتْ فيه، والقرينةُ الدَّالَّةُ على ذلك ما تقدَّمها من لفظِ(أنْبَتَتْ)، فكان الضِّغثُ النَّباتَ المعروفَ آنذاكَ.
   ومعنى الحديثِ كما ذكرَه ابنُ أبي الحديد في شرحِه «قال ابنُ قتيبة: قوله: (أنْبَتَتْ بالضِّغْثِ) أحسبُهُ الضِّغْثَ الَّذي ضَربَ أيُّوبُ أهلَه. والعينُ الَّتي ظهرتْ لمَّا ركضَ الماءَ برجلِهِ. قال: والباء في(بالضِّغْث) زائدة، تقديره: أنبتت الضِّغْثَ، كقوله تعالى:(تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)([6])، وكقوله:(يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ)([7]»)([8])، والكلمةُ من حديثٍ له(عليه السَّلام) وهو يذكرُ مسجدَ الكوفةِ، «في زاويتِهِ فَارَ التَّنُورُ، وفيهِ هلكَ يغوثُ ويعوقُ، وهو الفاروقُ، ومنهُ يستترُ جبلُ الأهوازِ، ووسطُهُ على روضةٍ من رِياضِ الجنَّةِ، وفيهِ ثلاثُ أعين أنبتتْ بِالضِّغثِ، تذهبُ الرِّجسَ، وتطهرُ المؤمنينَ: عينٌ من لبنٍ، وعينٌ من دهنٍ، وعينٌ من ماءٍ، جانبُهُ الأيمنُ ذكرٌ، وفى جانبهِ الأيسرِ مكرٌ، ولو يعلمُ النَّاسُ مَا فيهِ من الفضلِ لأتوْهُ ولو حَبوًا»([9]).)([10]).


الهوامش:
[1]   لسان العرب(ضغث): 2/164.
[2]   العين(ضغث): 4/363.
[3]   التهذيب(ضغث): 8/49.
[4]   المصدر نفسه، الجزء والصحيفة أنفسهما.
[5]   المحكم والمحيط الأعظم(ضغث): 5/401.
[6]   المؤمنون: 20.
[7]   الإنسان: 6.
[8]   شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد: 19/132.
[9]   شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 19/131-132.
([10]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص125-126.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2797 Seconds