أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ ولَا ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ

سلسلة قصار الحكم

أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ ولَا ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ

991 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-04-2024

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد
إن لهذه الحكمة أهمية خاصة إذ قد نشأ على حفظها الصغار وشاب على ذلك الكبار جاعلين لها قانوناً يتبع، ونصيحة يؤخذ بها من دون ما مناقشة وما ذاك إلا لأنهم تأكدوا من سلامة فكرتها وصحة هدفها وأحقية غايتها بما يجعلها مقتنعين بها غاية الاقتناع ومترسميها في خطى الحياة بحيث صارت شيئاً مسلماً حتى عند من لا يبالي بالتعاليم السامية.
ولعل من أهم أسباب ذلك أنها تكفلت بتبيان خط عام يضمن لسالكه السلامة والأمان من الأخطار المحدقة وذلك هو المطلوب للجميع حتى صارت مثلاً يستشهد به في حالات تلبد الأجواء بالمشاكل السياسية أو الأزمات المحلية.
وأيضاً مما حقق لها انشداد الناس و انجذابهم نفسياً أن الإمام عليه السلام قد وضح ذلك بالمثال القريب من فهم عامة الناس، فمن المعلوم أن ولد الناقة –وهي انثى البعير– لا تكون له مشاركة فعالة، وذلك لعدم احتماله وضعف بنيته فلا يستفاد منه ركوباً وامتطاءً أو حملاً ونقلاً هذا إن كان الولد ذكراً، وأما لو كان أنثى فالفائدة المتوخاة منها هو إدرار اللبن فلو كانت بذلك العمر فهي بعد لم تتأهل إذ لابد من تلقيح الفحل حتى يتكون اللبن.
فإذا عرفنا هذا عرفنا أن الإنسان إذ أراد السلامة لنفسه فلابد من أن لا يدخل في متاهات لا تؤدي به إلى نتيجة فعليه بالابتعاد حتى يحقق لنفسه الحماية والكفاية مما يحذر.
فالدعوة إذن إلى التوقي والحذر من الدخول في كل ما يعرض للإنسان في حياته العملية من قضايا سياسية أو خلافات قبلية، عائلية، أسرية، بين الأصدقاء، بين الشركاء، بين الزملاء، وعليه أن لا يجنح وإنما يتخذ موقف المحايد إن لم يتطلب الأمر التدخل، وإلا فعليه أن ينصر الحق ويتدخل إلى جانبه وإلا كان معاوناً للباطل ومناصراً للظلم. فليس المراد من الحكمة التخاذل والابتعاد عن المسئولية بل التحفظ كيما يتضح الأمر ويتجلى الحال بما يجعله مسدداً في اتخاذ القرار المناسب ليسلم من العواقب الوخيمة التي تكون عادة بعد ارتجال المواقف أو تصديرها لحساب حالات ضغط فكري أو مادي[1].

الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص273-275.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2586 Seconds