من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((رَشَحَ)) في قوله عليه السلام: «ورَشَحَ جَبِيْنُهُ»

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((رَشَحَ)) في قوله عليه السلام: «ورَشَحَ جَبِيْنُهُ»

226 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 24-06-2024

بقلم: الدكتور مصطفى كاظم شغيدل

الحمد لله الذي صدقنا وعده هي مقالة المتقين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد:
امتازت الخطبة المونقة لأمير المؤمنين عليه السلام والتي تسمى أيضا بـ(الخطبة الخالية من الألف) بكثرة الأفعال فيها، إذ وصلت إلى (170) فعل، فضلاً عما جاء مكرراً وبصيغة مختلفة؛ وهذه الخطبة مع أنها قيلت في موضع التندر لخلوها من الألف، غير أنها لم تكن خالية من الفكر بمختلف أبعاده، وهو على النحو الآتي:
قوله عليه السلام: «طَمَحَ بِنَظَرِهِ».

رَشَحَ

جاء في (العين): «رشحَ فلان رَشْحاً: أَيْ عَرِقَ. والرَّشْحُ: اسم للعرق. والمِرْشِحَةُ: بطانة تحت لِبْدِ السَّرج لِنَشْفِها العرق... والرَّاشح والرَّواشح: جبال تندى فَرُبَّما اجتمع في أُصولها ماء قليل، وإنْ كَثُرَ سُمِّي واشلاً. وإنْ رأَيته كالعرق يجري خلال الحجارة، سُمِّي راشِحاً»[1].

ويُقال: رَشَحَ الماء والعَرَقُ يَرْشَحُ رَشْحاً ورَشَحَاناً، إذا خرج من الإنسان، أَو السِّقاء، أَو القِربة، وكُلُّ جلدٍ راشحٍ بالعرق [2].
وقال ابن فارس: «الرَّاء والشِّين والحاء أَصل واحد، وهو النَّدى يبدو من الشَّيء، فالرَّشح: العَرَق. يُقال: رَشَحَ بَدَنُهُ بعَرَقِهِ»[3].
والرَّشْحُ: تندية الجسد من العرق. والرَّشْحُ: اسمُ ذلك العَرَق [4].
وتطابقت دلالة هذا الفعل (رشح) في الخطبة مع دلالته اللُّغوية؛ إذ أَورده أَمير المؤمنين (عليه السلام) مرَّة واحدة، وهو سادس الأَفعال الثــَّمانية الَّتي جاء بها (عليه السلام) في بيان حال الإنسان المحتضَر، إذ قال (عليه السلام): (ورَشَحَ جَبِيْنُهُ). وَرَشَحُ جبينِ الإنسان علامةٌ بارزة ومهمَّة من علامات الإنسان المحتضَر، وهو ما ذكره أَمير المؤمنين (عليه السلام) في حال احتضاره، حين سأَله ولده الإمام الحسن (عليه السلام) عن ذلك ــ أَيْ: رَشَح جبينِ الأَمير (عليه السلام) ــ فقال (عليه السلام): أَيْ بنيَّ، إنَّ الإنسان إذا اقترب أَجلُه، عَرَقَ جبينُه [5].
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «آية المؤمن إذا حضره الموت، بياض وجهه أَشدُّ من بياض لونه، ويرشح عن جبينه، ويسيل من عينيه كهيئة الدُّموع، فيكون ذلك خروج نفسه» [6].
و(رشح) فعل ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، و(جبينه) فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة على آخره، وهو مضاف، والهاء ضمير متَّصل مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ جرٍّ بالإضافة، عائد إلى الإنسان المحتضَر. جملة (ورشح جبينه) معطوفة على جملة (وطمح بنظره).)([7]).

الهوامش:
[1]. العين: 1/186.
[2]. ينظر: جمهرة اللغة: 1/259، والصحاح في اللغة: 1/254، والمخصص: 3/473، والقاموس المحيط: 1/210.
[3]. معجم مقاييس اللغة: 2/327.
[4]. ينظر: المحيط في اللغة: 1/184. وينظر: تهذيب اللغة: 1/495، والمحكم والمحيط الأعظم: 1/448، ولسان العرب: 2/449، والمصباح المنير: 3/406، والقاموس المحيط: 1/280، وتاج العروس: 1/1590.
[5]. بحار الأنوار:2/75.
[6]. معالم الزلفى في معارف النشأة الأولى والأخرى: 1/279.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام بين الدلالة المعجمية والاستعمال الوظيفي: للدكتور مصطفى كاظم شغيدل، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص183-185.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2423 Seconds