بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
الدعوة إلى انتقاء الصاحب، والصديق، والمعاشر، واختياره وإخضاعه لاختبار أخلاقي، أسري، عقائدي، بما يجعل الإنسان في أمان من شر الانعكاس، والأخذ السلبي، وانتقال الصفات السيئة، فيخسر الفرد نفسه عندئذ جراء الصاحب المعاشر.
وقد حذر عليه السلام من صحبة الأحمق لأنه يعاني من نسبة خلل عقلي بل قد ورد تعريف الحمق في بعض المصادر اللغوية[1] بأنه فساد العقل فتكون النتيجة أشد. فهو وأن يبدو للناظر وكأنه متوازن التصرفات إلا أنه سرعان ما يفصح عن هويته من خلال تصرفاته ونزعاته وتوجهاته ورغباته مما يترك الخيار للفرد في قطع الصلة أو الاقتصار على المجاملات الخالية من المصاحبة الأكيدة، أو المواجهة مع تحمل النتائج الناجمة من طول المصاحبة وكثرة المعاشرة والتوطن لذلك، ولا يظنن أحد أن من الممكن تفادي الوقوع في ذلك بأخذ الجيد واكتسابه وترك الرديء، لأن الكرة لا تكون في ملعبه دائماً – كما يقولون – بل قد يتأثر تلقائياً، وعلى مر الزمان يتعود، خصوصاً إذا لم يكن الفرد ذا تجربة وخبرة يؤهلانه للانتقاء والاختيار فيقع في مطبات تفقده السيطرة على وضعه.
ومن المعلوم أن الصاحب والصديق يكون قوي التأثير على صاحبه الآخر لذا يفوق أحياناً تأثير الوالدين أو الأقرباء، فإذا عرفنا ذلك وآمنا به أدركنا سر تحذير الإمام عليه السلام ودعوته إلى أن لا نصحب الأحمق الذي قد علل نهيه عليه السلام عن ذلك بأنه يحسن ويحبذ لصاحبه مشاكلته ومتابعته وتقليده على أساس من وحدة الحال، ومن الانفتاح، وسائر الضغوط التي يعتاد ممارستها في مثل ذلك. مضافاً إلى أنه يتمنى ويحب أن لا ينفرد بالعمل لوحده بل يكون معه غيره فإن كانت لائمة وسلبية في الموقف فلتكن على غيره أيضاً.
فلابد للشباب والشابات خصوصاً من هم في سن لا تؤهلهم – مرحلياً – لاستبطان الأمور واستخبار الحقائق أن لا يعمقوا أواصر العلاقات المدرسية أو المهنية أو في سائر المجالات الأخرى التي تكون مجمعاً للالتقاء بل يكتفي بمجرد التعارف من دون منح المزيد من الثقة لئلا يصدمه الواقع المرير والحقيقة القاسية المؤلمة فتكون عداوة بعد صداقة وقطع بعد مواصلة وهي خسارة وقد تشكل متاعب نفسية أحياناً كثير فيتقعد من الانفتاح على الآخرين فيكون منطوياً، مع ان الحياة تريد منه الانفتاح المعقول، المدروس، المسيطر عليه لا الانفلات)([2]).
الهوامش:
[1] الأحمق المنجد ص 780 مادة (موق).
([2]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص281-283-284.