بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
وممَّا وردَ في المرويَّاتِ على هذا الوزنِ (افْعَوْعَل) دالًّا على الكثرةِ والمبالغةِ، قـــولُ ابـنِ منظــور فــي بيـانِ معنـى كلمتــي (اعْذَوْذَب واحلولى): «وفـي كَـلَامِ عَلِـيٍّ يَذُمُّ الدّنْيَا: اعْذَوْذَبَ جانبٌ مِنْهَا واحْلَوْلــَى، هُمَــا افْعَوعَـلَ من العُذُوبة والحَلاوة، هو مِنْ أَبنية المُبَالِغَةِ»([1]).
في الحديثِ كلمتانِ (اعْذَوْذَب، واحْلَوْلَى) هما من الفعلِ الثُّلاثيّ المزيدِ (افْعَوْعَلَ)، والدَّالّ على الكثرةِ والمبالغةِ، فكلمةُ(اعْذَوْذَبَ)، أصلُها الثُلاثيّ(عَذُبَ)، وتعني الطِّيبة، قالَ الخليلُ: «عَذُبَ الماءُ عُذوبةً فهو عَذْبٌ طيِّبٌ»([2])، وكذلك تُطلقُ على كلِّ شيءٍ مُستَحسَنٍ، فنقول: عَذُبَ الطَّعامُ أو الشَّرابُ؛ إذا كــان سائغًا حسَن الطَّعمِ، ونـقول: عَذُب الكــلامُ أو اللَّحنُ؛ إذا كان حسَن الوقْعِ في الأذن([3]).
أمَّا (احْلَوْلَى)؛ فأصلُها (حَلَا، يَحْلُو) وتعني الحلاوة، قالَ ابنُ دريد: «الحُلو: مَعْرُوف، حَلا الشَّيءُ يَحْلو حَلاوةً، فَهُو حُلْو كَمَا ترى»([4]).
فإذا أردنا المبالغةَ، قلنا: «اعْذَوْذَبَ، واحْلَوْلَى»([5])، وهذا مَا جَاءَ في حديث الإمام عليٍّ (عليه السَّلام)، قالَ ابن أبي الحديد: «اعْذَوْذَب: صَارَ عَذبًا، واحْلَوْلَى: صَارَ حلوًا، ومن هاهنا أخذَ الشَّاعرُ قولَهُ:
ألا إنَّما الدُّنيا غضارةُ أيكـــــــــــــةٍ إذا اخْضرَّ منها جانبٌ جَفَّ جَانبُ
فلا تَكتَحـــــــلْ عيناكَ منها بعبرةٍ على ذاهـِبٍ منهـا فإنَّـكَ ذاهـبُ»([6]))([7]).
الهوامش:
[1] لسان العرب(عذب): 1/583.
[2] العين(عذب): 2/102.
[3] ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة(ع ذ ب): 2/1473.
[4] الجمهرة(ح ل و): 1/570.
[5] ينظر: الصاحبي: 203.
[6] شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 7/230، والبيتان لابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد:3/47.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 114-115.