بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي
الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..
اما بعد:
ورد هذا اللفظ مرة واحدة، ليدل على معنى حقيقي، مجموعاً جمعاً مؤنثاً سالما، وذلك في قوله عليه السلام في خطبة ينصح أصحابه قائلاً: «وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِمَّا طُوِيَ عَنْكُمْ غَيْبُهُ، إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ، تَبْكُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ، وَتَلْتَدِمُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ»([1]). وهو وجهُ الأرض قلً أو كثر. الأرض، وتيمَمَ الصًعيد، مستوية. وقال زائدة: الصًعدة الأتان، والجمع صِعاد وصَعَدات([2]).
الصاد والعين والدال أصل صحيح يدلُّ على ارتفاع ومَشَقة. من ذلك الصٌعود خلاف الحِدور. ويقال: صَعِد يَصْـعَـد. والإصعاد: مقابلة الحدور من مكان أرفع. والصًعود: العقبة الكؤود، والمشقة من الأمر، وأما الصٌعُدات فهي الطُرق، والواحد صَعِيد، ويقال: صَعِيد وصُعُد وصُعُدات، وهو جمع الجمع([3]).
وقال الرَّسول (صلى الله عليه وآله وسلَّم): «إياكم والقعود بالصًعدات إلا من أدى حَقًها»([4]).
الصُعُد بضمتين: جمع صَعُود وهو خلاف الهبوط وهو بفتحتين خلاف الصًبب، والصًـعِيدُ: الأرض المرتفعة من الأرض المنخفضة، وقيل: مالم يخالطه رمل ولا سبخة، وقيل: وجه الأرض، لقوله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}([5]).
وقيل: هي الأرض الطيبة، أو كلُّ ترابٍ طيبٍ، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}([6]).
قال الشافعي: لا يقع اسم صعيد إلاَّ على تراب ذي غبار، فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد، وإن خالطه تراب أو صعيد أو مَدَر يكون له غبار كان الذي خالطه الصًعيد» ([7]))([8]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: خ 116، 123، والصُعُدات بضمتين جمع صعيد بمعنى: الطريق.
([2]) ظ: منهاج البراعة: 8 / 78.
([3]) ظ: مقاييس اللغة: 3 / 287.
([4]) ظ: النهاية في غريب الحديث والأثر: 516.
([5]) الكهف / 40.
([6]) النساء / 43 والمائدة / 8.
([7]) ظ: لسان العرب (مادة صلَّ): 4 / 2446.
([8]) لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 237-239.