بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين اب القاسم محمد وعلى اله الطيب الطاهرين.
في مثل هذا اليوم الاول من شهر ذي الحجة الاغر لا تمر الذكرى بل تقف بيننا ذلك لأهميتها في بناء جسد الامة الديني، وهي ذكرى اقتران النور بالنور وهي تزويج الامام علي عليه السلام من السيدة الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، كانت تلك المناسبة العظمية مضارعة للإسلام منذ بداياته وكائنها في مفهومها العام تعني ثنائية من ثنائيات الكون التي تشكل منها هذا العالم، فاذا خلق الله تبارك وتعالى من كل شيء زوجين اثنين، فقد اراد للإسلام ان يكون من هذين الاثنين هما علي وفاطمة عليهما السلام، لقد كانت هذه المناسبة منذ نشوء الإسلام في السنة الثانية للهجرة حيث كان في حينها عمر الامام عليه السلام اربع وعشرين سنه والسيد الزهراء قد بلغت من العمر تسعة سنوات، اذا ان ولادتها الطاهرة كانت في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية المباركة. وقبيل هذا الاقتران المشفوع ببركات السماء كان هناك نفر من الصحابة قد عزموا على خطبة الزهراء من رسول الله صلى الله عليه واله فنقل ان ابا بكر اراد الزوج من السيدة الصديقة عليها السلام ومن بعده عمر بن الخطاب وقد ابى رسول الله صلى الله عليه واله ذلك، اذ ان الرسول الاكر صلى الله عليه واله لم ينطق عن الهوى فهو في ذلك اي في تزويج السيدة الصديقة منتظر لأمر من الله تبارك وتعالى لتكون كفئا لمن اراد الزواج منها حيث هي بنت من؟ فهي ركن وثيق من اركان الاسلام فلا بد ان تقترن بركن شديد حتى تشكل اللبنة المعنوية والاساسية لخيمة الاسلام ففي حديث خباب بن الارت يقول ان الله تبارك وتعالى اوحى الى جبرائيل عليه السلام زوج النور من النور، فكان الولي الله تبارك وتعالى والخطيب جبرائيل، والمنادي ميكائيل[1] .
وفي حديث اخر على غرار هذا المعنى وقد روته العامة والخاصة، ان جبرائيل هبط الى خاتم المرسلين وقال: زوج النور من النور، قال من؟ ممن؟ قال: بنتك فاطمة من ابن عمك علي بن ابي طالب عليه السلام[2].
والكثير من مصادر المسلمين قد ذكرت حادثة التزويج هذه، فان تلك اللحظة الالهية التي حدثت تحت بصمات الملائكة ونظرة الاهية مباركة بعد الامر الرباني الذي القاه العزيز الجبار على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه واله من تزويج النور بالنور، شكل ولادة من روح الولادة الاسلامية فجاء الاسلام في بادئ الامر متمثلا بشخص النبي الاكرم صلى الله عليه واله، وتعد تلك الولادة الاولى والبشارة الحقة منه تبارك وتعالى للعالمين اما الانبثاقة الأخرى لجوهر الاسلام ولطريقة المرسوم من السماء تلك اللحظة التي اقترن بها علي بالزهراء عليهما السلام ليهدي بهما الله لنوره من يشاء ويكون هذا الزواج هو الركن الوثيق الذي وضعت عليه حجرة الاسلام ولبناته فكانت حجرة زاوية بين ماضي الامة من جهة وحاضرها ومستقبلها من جهة ثانية، فهذا الزواج لم يعد حدثا اعتياديا كغيره من الاحداث التي تتحرك على الساحة الاسلامية بل يعد غاية دينية رسمت ملامح مستقبل الاسلام من خلال ذرية رسول الله صلى الله عليه واله التي جاءت من صلب علي عليه السلام لإتمام رسالته صلى الله عليه واله وكان قوله تعالى ( نور على نور يهدي الله لنورة من يشاء)[3] . تتجلى في اهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله من ذرية امير المؤمنين والسيدة الزهراء عليهما السلام هذا بالاستناد الى قوله تعالى في السورة ذاتها من قوله تعالى (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمة يسبح له فيها بالغدو والاصال)[4].
ونحن نعيش اليوم هذه المناسبة وفي ظلال بركات هذه الذكرى العطرة نهنئ العالم جميعا
الهوامش:
[1] ينظر: مناقب ال ابي طالب، ابن شهر اشوب: 3.
[2] ينظر: خصائص الفاطمية 1/ 244.
[3] سورة النور: الآية 35.
[4] سورة النور: الآية 36.