كيف تختار زوجة صالحة؟ وكيف تكونين صالحة؟

مقالات وبحوث

كيف تختار زوجة صالحة؟ وكيف تكونين صالحة؟

10K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 18-02-2019

كيف تختار زوجة صالحة؟ وكيف تكونين صالحة؟

 

عمَّار حسن الخزاعي:

 

الحمد لله ربِّ العالمين حمدًا كثيرًا كما يستحقُّه وكما هو أهله، والصلاة والسلام على خير خلقه محمَّد وآله الطاهرين...

 

من المصاعب التي باتت منتشرة هذه الأيام بين أوساط الشباب هي مشكلة الاختيار في الزواج، وهذه المشكلة تعم الذكور والإناث، والاختيار يعدُّ أهم خطوة في الزواج وعليها المعوَّل في نجاح هذا الارتباط أو فشله، ولذا على الشباب أن يُراعوا هذه الحيثية ويولوها اهتمامًا بالغًا؛ لما لها من علاقة صميمية بمستقبل الزواج وسعادته، وعليها يعتمد تكوين أسرة مترابطة متجانسة .

 

وهنا أُحاول أن أضع ومضة بسيطة يستطيع عبرها الشاب أن يختار زوجة تكون كهفًا له ومدادًا لسعادته، وخصصت الشاب بالاختيار وذلك تماشيًا مع طبيعة مجتمعنا الشرقي الذي يؤمن بأن يكون الشاب هو المبادر إلى الزواج، وهو من يطلب المرأة لذلك، ومن هنا أضع بين يديِّ الشاب أوَّل الخطوات في ذلك وهي الدعاء، فعليه أن يدعو الله تعالى أن يرزقه ببنت صالحة تقية نقية تحفظه في نفسه وماله وعرضه وأسرته، وتلك نعمة يهبها الله تعالى لمن يشاء، وقد أورد الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: ((قَالَ اللَّه (عَزَّ وجَلَّ) إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ لِلْمُسْلِمِ خَيْرَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ، جَعَلْتُ لَه قَلْباً خَاشِعاً، ولِسَاناً ذَاكِراً، وجَسَداً عَلَى الْبَلَاءِ صَابِراً، وزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تَسُرُّه إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا، وتَحْفَظُه إِذَا غَابَ عَنْهَا فِي نَفْسِهَا ومَالِه))([1]). فهذا الحديث يكشف بوضوح أهميَّة الزوجة المؤمنة في تحصيل سعادة الدُّنيا والآخرة، ومن هنا فعلى الشاب أن يُخلص في دعائه لله تعالى، ويطلب منه زوجة تمنحه سعادة الدنيا والآخرة

 

ثمَّ بعد ذلك عليه أن يجتهد في البحث عن امرأة بمواصفاتٍ معيَّنة، وعليه أن لا يغتر بالمظاهر الشكلية وينسى أهم الأمور التي تجعل من المرأة ركنا منيعا لزوجها، ونحن هنا لا نقلِّل من أهميَّة المظهر الخارجي، وإنَّما ندعو إلى الوسطية في الأمور، وذلك بأن يكون الشاب متوازنًا في تركيزه على المواصفات التي يبحث عنها، والأمر ليس غائمًا أو معتمًا بالنسبة للشاب إذ أوضح أهل البيت (عليهم السلام) خصائص المرأة المثالية التي يمكن أن تمنح زوجها سعادة الدنيا والآخرة، وسنتجاوز صفتي الإيمان والأخلاق لكونهما شرطين لابدَّ منهما في كلِّ زواج، أمَّا الصفات الأخرى فقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مقارنة أساسها الضديَّة في الصفات، وهي ثلاث صفات إذا وجدت عند الرجل جعلته من الأشرار، وهي نفسها تجعل المرأة من خيار النساء، وقد ورد ذلك في قوله (عليه السلام): ((خِيَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ: الزَّهْوُ وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ، فَإذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِذَا كَانَتْ بِخِيلَةً حَفِظَتْ مَا لَهَا وَمَالَ بَعْلِهَا، وَإِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شِيْء يَعْرِضُ لَهَا))([2]) .

 

فالمرأة الصالحة يجب أن تكون مزهوة في نفسها عزيزة في بدنها بحيث تربأ بنفسها أن تكون أداة لهوٍ لرجلٍ فاجر، وعليها أن تتكبَّر عن أن تمسَّها أعين الرجال فتلوث جمالها بنظراتٍ فاحشةٍ لا همَّ فيها سوى إشباع رغبة الشيطان، وهذا لا يعنى أن تكون المرأة متكبِّرة مزهوة على بني جنسها من النساء؛ لأنَّ تكبَّرها له غاية وهي ترفُّعها عن أن تكون إناء يبثُّ فيه كلَّ فاسقٍ وساوس شيطانه، وأمَّا مع بني جنسها فالأمر مختلف تمامًا .

 

وكذلك على المرأة الصالحة أن تكون بخيلةً، أي حريصةً على مالها ومال زوجها، وهذه من الصفات المهمَّة، وهي ظاهرة على واقعنا المعاش، إذ كم من امرأة استطاعة أن تجمع من فُتات كدِّ زوجها العامل البسيط بيتًا وأثاثًا، واستطاعت بمرور الزمن أن تنقل زوجها من حالة الفقر، أو الموظَّف البسيط إلى حالٍ ميسورة، ويوجد على العكس من ذلك، إذ كم من امرأة بدَّدت ثروة زوجها على التفاهات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، وكم من امرأة بددت مرتَّب زوجها العالي أو مورده الشهري المرتفع فلم تجمع منه شيئًا، وينتهي المطاف بزوجها أن يستدين في كلِّ شهرٍ ليسدَّ نفقات بيته التي لا تنتهي .

 

وأمَّا الصفة الثالثة، فهي أن تكون المرأة جبانة، والغاية من ذلك هي أن تحمي نفسها، وإذا كانت المرأة بهذه الصفة خافت من كلِّ شيء فلا تمنح نفسها إذن الخوض في معتركات الحياة الخطرة، التي تملأها نفوس الشر ومن يريد بالمرأة أن تكون سبيلًا يلهو به متى شاء ويرميه متى ما انتهت منه حاجته .

 

وبهذه الصفات فقد أرشد أمير المؤمنين (عليه السلام) الشاب إلى المرأة الصالحة التي تضمن الحياة الهانئة له ولها ولأفراد أسرتها، وهي بذلك تستحقُّ ثواب الجهاد في سبيل الله تعالى فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ((جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ))([3])، وكذلك اتَّضح للمرأة سبيل النجاح في حياتها الزوجيَّة وكيف تكون امرأة صالحة، وإذا كانت كذلك كثرت أيدي طالبيها ما يمنحها حريَّةً أكثر في الاختيار، وعليها أن تختار الرجل الذي يصونها ويحفظها بما يحمل من خُلقٍ ودين .

 

ولا يمكن أن تتحقق السعادة لطرفٍ من دون آخر أو لطرفٍ على حساب طرف، وعلى ذلك يجب أن يسعى كلا الزوجين لإسعاد بعضهما بعضًا، وعلى الشاب أن يعي بكلِّ جوانبه الفكرية والعاطفيَّة أن سعادته لا تكون إلَّا مع المرأة الصالحة، وهذا الأمر قد أشار له رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بقوله: ((مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ))([4]) .

الهوامش:

([1]) الكافي، الشيخ الكليني (ت: 329 هـ)، تحقيق: صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، ط: 3، دار الكتب الإسلامية - تهران – ايران، چاپخانه حيدري، بهار 1367 ش: 5/327 .

([2]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السلام)، ما أختاره وجمعه الشريف الرضي، ضبط نصه وابتكر فهارسه العلمية: الدكتور صبحي صالح، الطبعة : الأولى، 1387 - 1967 م: 509 – 510 .

([3]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السلام)، ما أختاره وجمعه الشريف الرضي، ضبط نصه وابتكر فهارسه العلمية: الدكتور صبحي صالح، الطبعة : الأولى، 1387 - 1967 م: 509 – 510 .

([4]) المصدر نفسه: 494 .

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2653 Seconds