معجزته (عليه السلام)  رفع الصخرة عن موضعها وهي كقلع باب خيبر من حصنها

فضائل الإمام علي عليه السلام

معجزته (عليه السلام) رفع الصخرة عن موضعها وهي كقلع باب خيبر من حصنها

11K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-05-2016

 ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه لما توجه إلى صفين، لحق أصحابه عطش. شديد ونفد ما كان معهم من الماء، فأخذوا يميناً وشمالاً يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثراً، فعدل بهم أمير المؤمنين  (عليه السلام) عن الجادة وسار قليلاً فلاح لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه، حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه فاطلع، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : \ هل قرب قائمك هذا ماء يتغوث به هؤلاء القوم ؟ \ فقال: هيهات، بيني وبين الماء أكثر من فرسخين، وما بالقرب مني شيء من الماء، ولولا انني أوتى بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشاً. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : \ أسمعتم ما قال الراهب ؟ \ قالوا: نعم، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه لعلنا ندرك الماء وبنا قوة ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): \ لا حاجة بكم إلى ذلك، ولوى عنق بغلته نحو القبلة وأشار لهم إلى مكان يقرب من الدير فقال: \ اكشفوا الأرض في هذا المكان \ فعدل جماعة منهم إلى الموضع فكشفوه بالمساحي، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي، فقال لهم: \ إن هذه الصخرة على الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء، فاجتهدوا في قلبها \ فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً واستصعبت عليهم. فلما رآهم عليه السلام قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم، لوى عليه السلام رجله عن سرجه حتى صار على الأرض، ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها، ثم قلعها بيده ودحا بها اذرعاً كثيرة، فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء، فتبادروا إليه فشربوا منه، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه، فقال لهم: \ تزودوا وارتووا \ ففعلوا ذلك. ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت، وأمر أن يعفى أثرها بالتراب، والراهب ينظر من فوق ديره، فلما استوفى علم ما جرى نادى: يا معشر الناس أنزلوني أنزلوني. فاحتالوا في إنزاله فوقف بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا هذا أنت نبي مرسل ؟ قال: \ لا \ قال: فملك مقرب ؟ قال: \ لا \ قال: فمن أنت ؟ قال: \ أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين \ قال: ابسط يدك أسلم لله تبارك وتعالى على يدك، فبسط أمير المؤمنين (عليه السلام) يده وقال له: \ اشهد الشهادتين \ فقال: أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وأشهد انك وصي رسول الله وأحق الناس بالأمر من بعده. فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه شرائط الإسلام ثم قال له: \ ما الذي دعاك الآن إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف ؟ \ فقال: أخبرك - يا أمير المؤمنين - إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها، وقد مضى عالم قبلي لم يدركوا ذلك، وقد رزقنيه الله عزوجل، وإنا نجد في كتاب من كتبنا وناثر عن علمائنا، أن في هذا الصقع عيناً عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي، وأنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق، آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها، وإني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره وبلغت الأمنية منه، فأنا اليوم مسلم على يدك ومؤمن بحقك ومولاك. فلما سمع ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع ثم قال: \ الحمد لله الذي لم أكن عنده منسياً، الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكوراً \ ثم دعا الناس فقال لهم: \ اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم \ فسمعوا مقالته، وكثر حمدهم لله وشكرهم على النعمة التي أنعم الله بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم سار عليه السلام والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام، فكان الراهب من جملة من استشهد معه، فتولى عليه السلام الصلاة عليه ودفنه وأكثر من الاستغفار له، وكان إذا ذكره يقول: \ ذاك مولاي . وعن هذه المعجزة يقول السيد إسماعيل ابن محمد الحِميَرِي في قصيدته البائية المذهبة:

ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب

حتى أتى متبتلاً في قائم * ألقى قواعده بقاع مجدب

يأتيه ليس بحيث يلقى عامر * غير الوحوش وغير أصلع أشيب

فدنا فصاح به فأشرف ماثلاً * كالنسر فوق شظية من مرقب

هل قرب قائمك الذي بوأته * ماء يصاب ؟ فقال ما من مشرب

إلا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين نقا وقي سبسب

فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى * ملساء يلمع كاللجين المذهب

قال اقلبوها إنكم إن تقلبوا * ترووا ولا تروون إن لم تقلب

فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب

حتى إذا أعيتهم أهوى لها * كفاً متى ترد المغالب تغلب

فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع دحا بها في ملعب

فسقاهم من تحتها متسلسلاً * عذباً يزيد على الألد الأعذب

حتى إذا شربوا جميعاً ردها * ومضا فخلت مكانها لم يقرب

وزاد فيها ابن ميمون قوله :

 وآيات راهبها سريرة معجز * فيها وآمن بالوصي المنجب

ومضى شهيداً صادقاً في نصره * أكرم به من راهب مترهب

أعني ابن فاطمة الوصي ومن يقل * في فضله وفعاله لا يكذب

 ((بحار الانوار,ج41,ص250)).

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2799 Seconds