بسم الله الرحمن الرحيم
من حكم أمير المؤمنين (عليه السلام).
الباحث سلام مكي الطائي.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين. وبعد:
عند مجيء الدين الإسلامي بتعاليمه نهانا عن العديد من الأمور التي كانت تمارس في زمن الجاهلية؛ كعدم الاحترام، وعدم الاستجابة لاحتياجات الفرد المقابل، أو ردِّه، وحب الدنيا والاغترار بها وغيرها، وحثنا على تطبيق التعاليم الجديدة التي جاء بها هذا الدين.
ومن هذه الأخلاق ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) فهم مثال الخلق الرفيع وسمو النفس، قال الإمام علي (عليه السلام): (لا ترد السائل وصن مروتك من حرمانه)([1]).
يحثنا الإمام (عليه السلام) على عدم منع طالب الحاجة أو السائل وردّه؛ لأن المنع ليس من شيم المسلم المؤمن وأخلاقه ولا من تعاليم الدين الإسلامي.
ونجده (عليه السلام) يحذرنا في قولٍ آخر من ردّ السائل والانزعاج مما جاءك به وإن أسرف في طلبه وسؤاله، إذ يقول(عليه السلام): (لا تردنَّ السَّائل وإن سرف)([2]).
ومن الأمور الأخرى التي حاربها الدين الإسلامي وحذرنا منها، هو حب الدنيا والاغترار بها ونسيان الآخرة وما يترتب عليها من أمور، وهذا أيضاً نجده واضحاً جلياً في حكمه وأقواله، ففي قوله (عليه السلام): (لا ترغب في الدنيا؛ فتخسر آخرتك)([3])، تحذير مهم من الولع بحب الدّنيا والتعلق بها؛ فيؤدي هذا إلى خسارة الفرد آخرته.
وفي قولٍ آخر يحذر من انشغال بال الفرد في هذا الشيء الفاني، الذي لابد من زواله في يومٍ من الأيام، ولم يبقَ سوى العمل الصالح الذي ينتفع به صاحبه يوم الورود، إذ إنَّه(عليه السلام) قال:(لا ترغبنَّ في كلِّ ما يفنى وخذ من الفتاءِ للبقاِ)([4])؛ فعلى الإنسان المؤمن الواعي أن لا يغتر بمظاهر الدنيا البراقة لأنها معرضة للزوال في يومٍ ما، ويصبح الإنسان نادماً على ما خسره من الذي بذله في سبيل الحصول على الدنيا.
وأخيرا: يؤكد الإمام (عليه السلام) على أهمية الإعداد للسفر الخالد وعدم التشبث بهذه الدنيا الفانية، فعلى الإنسان أن يعمل لآخرته في دنياه لينال رحمة الله ورضوانه، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرحمنا ويغفر لنا إنه سميع الدعاء.
[1]))غرر الحكم ودرر الكلم للعبد الواحد الآمدي: 247.
[2])) م. ن.
[3]))عيون الحكم والمواعظ، علي بن محمد الليثي الواسطي: 518.
[4]))غرر الحكم ودرر الكلم للعبد الواحد الآمدي: 247.