البَاحِث: سَلَام مَكِّي خُضَيّر الطَّائِيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على خير خلقه النَّبيّ مُحمَّد سيِّد المُرسلين، وعلى آل بيته الغرّ المنتجبين واللعن الدَّائم على أعدائِهم من الأوَّلين والآخرين إلى قيامِ يوم الدِّين، وبعد:
إنَّ المتتبّع لكلام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) وحكمه يجدها مختلفة الموضوعات التي تختص بحياة الفرد، ومن هذه الموضوعات: الإصرار، وهو من الأمور التي حذرنا منها الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) وأكَّد عليها في حكمٍ عدّة، فوصفه (عليه السَّلَام) بعدّة صفات، فمنها وصفه بصفة الهلكى، فقال (صلوات الله عليه): (الإصرار سجيّة الهلكى)[1].
فمن هذه الحكمة يتَّضح لنا أنَّ الإصرار صفة تؤدّيّ بمن يحملها إلى الهلاك والضياع، وهذا الإصرار ليس الإصرار على فعل الخير ولكن الإصرار على القيام بالعمل الذي لا يوافق الشّريعة الإسلامية.
وكذلك فإنّ إصرار الفرد على فعل الشيء السَّيء، فهذا من شر الصّفات وليس فقط، بل من أقبح الآراء وأشرها، ومن أدنى أعمال الفرد المؤمن، فورد عن أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) أنَّه قال: (الإصرار شر الآراء)[2].
والإصرار على الفعل قد يؤدّي بصاحبه إلى القيام بأحد الأفعال التي تؤدّي إلى جريمة كالقتل مثلاً إن بقي الفرد مصرّاً على شيء معين، وهذا ممّا يؤدّي به إلى غضب الله تعالى عليه بسبب إصراره على القيام بهذا الفعل، ومن ثَمَّ يكون الإصرار أحّد الأمور التي توجب على صاحبها النَّار، وهذا ما ذكره سيِّد الوصيِّين (عليه السَّلَام) في كلامٍ له يؤكّد على ذلك إذ يقول: (الإصرار يوجب النَّار)[3].
فيتَّضح لنا بعد ما تقدَّم من وصفٍ للإصرار من كلام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام)، أنَّه إحدى الصفات التي تؤدي إلى ما يغضب الله تعالى وهو من صفات المتعنتين الذين خرجوا عن مسار الدِّين الإسلامي بأفعالهم هذه، فأصبح الإصرار من شيمهم التي يحملونها ويعتقدون أنَّ ما يقومون به وما يفعلونه بالإصرار من الأعمال الحسنة ولكنَّها هي عكس ذلك تماماً، بل أنَّها من أقبح ما يقومون به، إذ يقول عنه الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام): (الإصرار شيمة الفجَّار)[4].
وهو من الأمور السَّيئة التي توجب النقمة على الفرد الذي يكون حاملاً لتلك الصّفة الدَّنيئة التي يغضب بها ربّ العالمين عزَّ ذكره، جاء عن أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) قوله: (الإصرار يجلب النّقمة)[5].
ولو تتبعنا كلام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) لوجدناه كثيراً جدّاً ولكنّنا نختم بهذا القدر عن ما ورد عن الإصرار على القيام بما يغضب الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمدُّ لله ربّ العالمين والصَّلَاة وأتم التَّسليم على أشرف الخلق مُحمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
الهوامش
[1] غرر الحكم ودرر الكلم لعبد الواحد التميمي الآمدي: 16.
[2] المصدر نفسه.
[3] عيون الحكم والمواعظ لعلي الليثي الواسطي: 33.
[4] المصدر نفسه.
[5] مستدرك الوسائل للميرزا حسين النّوري الطّبرسي: 11/368.