إبراهيم أبو رافع عتيق الرسول وناصر الوصيّ

علي ومعاصروه

إبراهيم أبو رافع عتيق الرسول وناصر الوصيّ

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-05-2020

إبراهيم أبو رافع عتيق الرسول وناصر الوصيّ
علي فاضل الخزاعي
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرين والغرّ المنتجبين، واللَّعن الدَّائم على أعدائِهم إلى قيامِ يوم الدِّين، أمَّا بعد...
 فتستمر سلسلة الصحابة الموالين للعترة النبوية (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) الذين نالهم حظ الشرف في خدمة أهل البيت (عليهم السَّلَام)، وملازمتهم في الأصعدة كافة، ومن هؤلاء الصحابة هو (إبراهيم أبو رافع) .
كان هذا الصحابي الجليل ثقة، شهد بدرًا، ولزم أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان من خيار الشيعة[1].
وأمَّا قصَّة عتق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهذا الصحابي فتكم أنَّه كان مملوكًا لعمِّ النبي العبَّاس بن عبد المطلب (رحمه الله) فوهبه للنَّبي (صلَّى الله عليه وآله)، ولمَّا بُشر النبي (صلَّى الله عليه وآله) بإسلام العبَّاس أعتقه[2].
اسلامه (رضوان الله عليه):
أسلم أبو رافع قديمًا بمكة وهاجر إلى المدينة، ثمَّ لازم أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى صار صاحب بيت مال المسلمين بالكوفة إبَّان حكم أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولأبي رافع كتاب في السنن والأحكام والقضايا[3]، روايةً عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، رواه عنه ابنه عبيد بن أبي رافع[4].
أولاده: وهما علي وعبيد اللَّه، وهما كاتبا أمير المؤمنين (عليه السَّلَام)[5].
هجرته (رضوان الله عليه):
هاجر مع جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) إلى أرض الحبشة، ومع النبي (صلَّى الله عليه وآله) إلى المدينة ومع أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) إلى الكوفة[6].
قال عون بن عبيد الله ينقل عن جدِّه أبي رافع قوله: ((الحمد لله لقد أصبحت ولا أحد بمنزلتي، لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وصليت القبلتين، وهاجرت الهِجر الثلاث، قلت: وما الهجر الثلاث، قال: هاجرت مع جعفر بن أبي طالب رحمة الله عليه (رحمه الله) إلى أرض الحبشة، وهاجرت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الكوفة))([1]) . وهكذا يلازم أبو رافع أمير المؤمنين (عليه السلام) ميزان الحق، ولم يزل معه حتى استشهد (عليه السَّلَام)، وهنا ((يرجع أبو رافع إلى المدينة مع الإمام الحَسَن (عليه السَّلَام)، ولا دار له بها ولا أرض، فقسم له الإمام الحَسَن (عليه السَّلَام) دار أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) بنصفين، وأعطاه سنح أرض أقطعه إياها، فباعها عبيد الله بن أبي رافع، من معاوية بمئة ألف وسبعين ألفًا)[7].
ما قاله رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في حقّه ومكانته عنده:
قال النَّبيّ (صلَّى الله عليه وآله) في حقّه (رضوان الله تعالى عليه): (إنَّ لكلِّ نبيٍّ أمينًا، وإنَّ أميني أبي رافع).
وكان أبو رافع وكيل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في زواجه بميمونة بنت الحارث بالمدينة[8].
أما مكانته عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): فيمكن أن نتعرَّف عليها في قول أبي رافع: ((لما كان اليوم الذي توفى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) غشى عليه فأخذت بقدميه اقبلهما وأبكى فأفاق وأنا أقول : من لي ولولدي بعدك يا رسول الله فرفع إلي رأسه وقال : الله بعدي ووصيي صالح المؤمنين)([2]).
وعن أبي رافع أيضًا قوله: ((دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم أو يوحى إليه، وإذا حيَّة في جانب البيت، فكرهت أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، حتى إذا كان منها سوء يكون إلي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية: [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ][9]. ثم قال: الحمد لله الذي أكمل لِعَلِيّ منيته وهنيئًا لِعَلِيّ بتفضيل الله إيَّاه، ثم التفت فرآني إلى جانبه، فقال: ما أضجعك هاهنا يا أبا رافع؟ فأخبرته خبر الحيَّة، فقال: (قم إليها فاقتلها، فقتلتها، ثم أخذ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بيدي فقال: يا أبا رافع كيف أنت وقوما (قوم) يقاتلون عَلِيًّا، هو على الحقّ، وهم على الباطل، يكون في حق الله جهادهم، فمن لم يستطِع جهادهم فبقلبه، فمن لم يستطِع فليس وراء ذلك شيء، فقلت: أدع لي إن أدركتهم أن يعينني الله، ويقويني على قتالهم، فقال: اللهم إن أدركهم فقوه، وأعنه؛ ثم خرج إلى الناس، فقال: يا أيها الناس من أحب أن ينظر إلى أميني على نفسي وأهلي، فهذا أبو رافع أميني على نفسي))([3]).
فلمَّا بويع أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) وخالفه معاوية بالشَّام، وسار طلحة والزّبير إلى البصرة، قال أبو رافع: ((هذا قول رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) سيقاتل عَلِيًّا قوم يكون حقًا في الله جهادهم، فباع أرضه بخيبر وداره، ثم خرج مع أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، وهو شيخ كبير له خمس وثمانون سنة)([4]).
زواجه (رضوان الله عليه):
زوجه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) مولاته سلمى، فولدت له عبيد الله بن أبي رافع، وكانت سلمى قابلة إبراهيم بن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وشهدت معه خيبر[10].
وهنالك كثير من الكلام في بيان شخصيَّة هذا الصَّحابيّ الجليل والحديث عنه لا تكفيه هذه السَّطور؛ لكن هذا ما يسعنا أن نقدّمه عنه (رضوان الله تعالى عليه)، وفي الختام جعلنا الله تعالى من المتمسّكين بالأنوار المُحَمَّديَّة (صلوات الله تعالى وسلامه عليهم)، ولعن الله تعالى أعدائِهم أجمعين إلى قيام يوم الدِّين، إنَّه سميعٌ عليم...
الهوامش:
([1]) فهرست اسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي)، النجاشي (ت: 450 هـ): 5
([2]) مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب (ت: 588 هـ): 2/247 .
([3]) بحار الأنوار، المجلسي (ت: 1111هـ): 32/305 .
([4]) الفوائد الرجالية، السيد مهدى بحر العلوم (ت: 1212 هـ): 1/213 .
[1] ينظر: وسائل الشيعة (آل البيت (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام))، الحر العاملي: 30/293.
[2]  ينظر: نقد الرجال، التفرشي: 1/48.
[3] ينظر: المصدر نفسه: 1/ 49.
[4] ينظر: شعب المقال في درجات الرجال، ميرزا أبو القاسم النراقي:42.
[5] ينظر: منتهى المقال في أحوال الرجال، المازندراني: 1/ 145.
[6] شعب المقال في درجات الرجال: 42.
[7] ينظر: معجم رجال الحديث، السيد الخوئي: 1/ 160-161.
[8] مستدركات علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي الشاهرودي: 1/ 98.
[9] المائدة: 55.
[10] مستدركات علم رجال الحديث: 1/ 98-99.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3063 Seconds