الباحث: علي فاضل الخزاعي
الحمد لله استتماما لنعمته، واستسلاما لربوبيته، واستعصاما من معصيته وصلى الله على محمد خيرته على بريته، وعلى آله الطيبين الطاهرين من عترته، وسلم تسليما كثيرا.
في هذا الشهر الفضيل تتوالى الأفراح والمسرات بولادة شموس وأقمار نيرة من آل بيت النبي (عليهم الصلاة والسلام) وتزدهر الدنيا ومن عليها بطلتهم البهية ومن هذه الولادات المباركة بدرٌ يتألق في سماء العلياء هو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام).
نسبه وتسميته (عليه السلام)
هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
وسماه في التوراة شبيرا، وهارون بن عمران لما سمع في التوراة أن الله سمى الحسن والحسين سبطي محمد: شبرا وشبيرا سمى ابنيه بهذين الاسمين، ويكنى: أبا عبد الله[1].
ألقابه: السبط والشهيد، والرشيد، والطيب، والوفي، والتابع لمرضاة الله، والدليل على ذات الله، والمطهر، والسيد، والمبارك، والبر، وسبط رسول الله، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، وأحد الكاظمين[2].
ولادته المباركة:
قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة إذ بعد ما ولد الحسن أخوه بخمسين ليلة حملت به أمه ستة أشهر فولدته، ولم يولد مولود لستة أشهر غير الحسين وعيسى بن مريم، وقيل: يحيى بن زكريا[3].
وكان أشبه الناس بالنبي (صلى الله عليه وآله) ما بين الصدر إلى الرجلين[4].
وقالت أم الفضل بنت الحارث: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، إني رأيت حلما منكرا الليلة. قال: وما هو؟ قلت: إنه شديد. قال: وما هو؟ قلت: رأيت كان قطعة من جسدك انقطعت ووضعت في حجري. فقال: (خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك. فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال)[5].
فضائله:
عن طاووس اليماني قال: إن الحسين بن علي (عليهما السلام) كان إذا جلس في المكان المظلم يهتدي إليه الناس ببياض جبينه ونحره، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) [كان] كثيرا ما يقبل جبينه ونحره[6].
وعن يعلى العامري أنه خرج من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى طعام دعي إليه، فإذا هو الحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان، فاستقبله النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم ثم بسط يده فطفر الصبي هنا مرة وههنا مرة وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى تحت قفاه ووضع فاه على فيه وقبله، ثم قال: (حسين مني وأنا منه أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط)[7].
بعض معجزاته:
عن صفوان بن مهران قال: سمعت الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين (عليه السلام) في امرأة وولدها فقال: هذا لي، وقال: هذا لي، فمر بهما الحسين عليه السلام، فقال لهما: فيما تمرجان؟ قال أحدهما: إن الامرأة لي، وقال الآخر: إن الولد لي، فقال للمدعي الأول: اقعد فقعد، وكان الغلام رضيعا، فقال الحسين (عليه السلام): يا هذه أصدقي من قبل أن يهتك الله سترك، فقالت: هذا زوجي والولد له ولا أعرف هذا.
فقال (عليه السلام): يا غلام ما تقول هذه؟ أنطق بإذن الله تعالى، فقال له: ما أنا لهذا ولا لهذا! وما أبي إلا راع لآل فلان، فأمر برجمها، قال أبو جعفر (عليه السلام): فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها[8].
فكل ما تم ذكره هو قطرة من بحر فضائله فلو بقينا نتكلم عن هذه الشخصية المباركة منذ ولادته الى استشهاده (عليه السلام) لتسطرت بحورٌ من الكتب في بيان هذه الشخصية التي اشرقت الدنيا به، وسعدت به الإنسانية في جميع أجيالها، في كل شيء، فكان (عليه السلام) يملأ عيون الناظرين إليه وتنحني الجباه خضوعاً وإكبارا له، فنسأل الله بالحسين أن يكفينا شر الدنيا وأن يعجل في فرج وليه القائم بالحق وأن يجعلنا من جنوده ومن المستشهدين بين يديه ببركة الصلاة على محمد وآل محمد.
والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] دلائل الإمامة، محمد بن جرير الطبري (الشيعي): 180.
[2] مناقب ابن شهرآشوب: 4/ 78، تذكرة الخواص، ابن الجوزي: 232.
[3] ينظر: الإرشاد، الشيخ المفيد: 198، سير أعلام النبلاء، الذهبي: 3/280.
[4] الإرشاد، الشيخ المفيد: 198.
[5] بحار الأنوار، المجلسي: 43/242
[6] المصدر نفسه: 44/ 187.
[7] مستدرك الوسائل، النوري الطبرسي: 15/171.
[8] بحار الأنوار: 44/148.