معاوية لا يعلم بنسبه فيسأل عقيل بن أبي طالب عنه!!

مقالات وبحوث

معاوية لا يعلم بنسبه فيسأل عقيل بن أبي طالب عنه!!

6K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 21-10-2020

بقلم: م. م. علي حسين الموسوي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
روى الثقفي (283هـ) وغيره: (إن عقيل بن أبي طالب ذهب إلى معاوية بن أبي سفيان، وأمر له بمائة درهم، وسأله عن العسكريين، فأخبره عقيل عن عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) ان ليلهم ونهارهم، كليل ونهار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أنه ليس معهم، وأخبره بمن أستقبله من المنافقين بعسكره ممن نفر برسول الله (صلى الله عليه وآله)يوم العقبة، وبين له أنساب جلسائه، وألح عليه معاوية أن يبين له نسبه، فقال له عقيل: أتعرف حمامة؟ فقال: ومن حمامة؟ فقال له عقيل أخبرتك وخرج من عنده، فأرسل معاوية إلى النسابة وطلب منه بيان ذلك، فقال له: حمامة جدتك، وكانت بغية في الجاهلية، لها راية تؤتى)[1]، وهي جدة أبي سفيان السابعة[2]، نستشف من الرواية بأن لبني أمية جذوراً بعيدة في البغي وممارسة الفجور، وانتقال هذا الأمر إلى أبنائهم، وخصوصاً إذا علمنا بأن عقيل بن أبي طالب كان عالماً بأنساب العرب، ومما يؤكد ذلك قول الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):
(كان عقيل من أنسب الناس)[3]، ومن المؤكد ان عقيل لا يصرح بذلك ما لم يكن متأكداً من أنسابهم.
وجاءت شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) لتدلل على صحة ما مر بنا من روايات حول نسب بني أمية، فشهادته لا تقبل الشك، حيث شهد أن بني أمية لصاق وأنهم ليسوا صحيحي النسب إلى بني عبد مناف، ولم يستطع معاوية إنكار ذلك[4]، إذ ورد ما يؤكد على ذلك في أحد كتب الإمام (عليه السلام) رداً على كتاب كتبه معاوية يدعي فيه مساواتهم في الحرب والرجال مع بني هاشم، جاء فيه وأما قولك:
(إنا بنو عبد مناف، كذلك نحن، ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق)[5]، إذ بين ابن أبي الحديد في شرحه، أن مراد الإمام بقوله: ولا الصريح كاللصيق، أنه لا يقصد في نسب معاوية شبهة، وإنما أراد بذلك الصريح بالإسلام، واللصيق بالإسلام، فالصريح فيه، هو من أسلم إعتقاداً وإخلاصاً، واللصيق فيه من أسلم تحت السيف، أو رغبة في الدنيا، وقد صرح الإمام (عليه السلام) بذلك فقال: (كنتم ممن دخل في هذا الدين أما رغبة أو رهبة)[6].
ويبدو أن ابن أبي الحديد قد فسر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) من الناحية الدينية، أي دخوله إلى الإسلام[7]، ولكننا لا نوافقه بهذا الرأي، ونذهب إلى ما ذهب إليه أحد الباحثين، أن الإمام (عليه السلام) لو أراد من كلمة اللصيق من أسلم تحت السيف، لاكتفى بذكر قول (ولا المهاجر كالطليق)، التي تشير إلى أن معاوية من الطلقاء، لأن كل من دخل عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) مكة عنوة أو بالسيف فملكه ثم مَنَّ عليه عن إسلام أو غير إسلام، فهو طليق، ولكن هناك سبباً دفع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى قول ذلك[8].
بينما رأى البحراني، أن المقصود باللصيق صراحة النسب وخسّة خصمه من جهة كونه دعياً[9]، واللصيق بغير أبيه[10]، ومما يرجح رأي البحراني، ما ذكرناه من الروايات التي تبين نسب بني أمية، ومعاوية بشكل خاص، بينما نجد أمير المؤمنينg صريح النسب، فهو ينتسب إلى بيت النبوة، وفي رواية ابن سعد التي وردت عن هشام بن السائب الكلبي عن أبيه قال: (كتبت للنبي (صلى الله عليه وآله) خمسمائة أم، فما وجدت فيهن سفاحاً، ولا شيئاً من أمر الجاهلية)[11].
إذاً فشهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) قطعية لا شك فيها بشأن نسب معاوية، وخصوصاً ما مر بنا أن بني أمية هم ليس لأمية وإنما من عبده الرومي ذكوان الذي أدعى أمية أنه ابنه أبا عمرو، فأمير المؤمنين (عليه السلام) لو لم يكن متأكداً من نسب معاوية، لما صرح وشهد بذلك، وان معاوية لم يستطع الرد عليه[12]، ثم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) من أهل بيت أبعد الله تعالى عنهم الرجس بنص آية التطهير:
﴿إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[13].
فلا يجد معاوية مثلبة على أمير المؤمنين (عليه السلام) ليرد عليه، لأنه يعلم أنه على حق، وهو على باطل[14].

الهوامش:
[1] الثقفي، الغارات،65؛ الطوسي، الأمالي، 725؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 2/101.
[2] الكلبي، مثالب العرب، 26؛ البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، 2/330؛ الثقفي، الغارات، 937.
[3] الثقفي، الغارات، 937.
[4] المجلسي، بحار الأنوار، 31/544.
[5] محمد عبده، شرح نهج البلاغة، 3/403.
[6] شرح نهج البلاغة، 15/90.
[7] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة،15/90.
[8] عجيمي، أحمد فاضل، العرب قبل الإسلام، 241.
[9] شرح نهج البلاغة، 4/345؛ ينظر، محمد عبده، نهج البلاغة، 3/403؛ الصالح، صبحي، نهج
البلاغة، 375.
[10] مغنية، في ظلال نهج البلاغة، 3/426.
[11] الطبقات الكبرى، 1/42؛ ينظر، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق،3/403؛ابن الجوزي، المنتظم،2/238.
[12] الكوراني، جواهر التاريخ، 2/82.
[13] سورة الأحزاب، آية، 33.
[14] لمزيد من الاطلاع ينظر: نسب بني امية في نهج البلاغة، علي حسين الموسوي: ص38-41.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2712 Seconds