بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي
«الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانح كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وأزل»([1]).
اللهم «أجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمُعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل»([2]) وعلى أهل بيته «أساس الدين وعماد اليقين»([3])
وبعد:
فإن الكتاب الذي أخرجه الإمام علي عليه السلام إلى شيعته والمسلمين عامة بعد أن سُئل عن رأيه في أبي بكر وعمر بعد حرب صفين قد احتوى على أصول الأمن الفكري، وهي على النحو الآتي:
الأصل السابع: تعريف الناس بأن العدو الحقيقي للمسلمين هم الطلقاء وأبناؤهم وأشياعهم، فهم أهل البدع
إن وظيفة كل عالم ومتعلم وذي شأن قد أوكل إليه أمر الناس سواء في الأسرة أو العمل أو المجتمع بمنظماته وهيآته وجمعياته، التعريف بأن العدو الحقيقي الذي يلزم محاربته هم الطلقاء وأبناؤهم، أي بني أمية وأشياعهم، ومنتحلو سنتهم ومنهاجهم وأفكارهم، فهؤلاء قادة الانحراف الفكري في الأمة.
وهذا ما كشف عنه النص الشريف للإمام علي عليه السلام، إذ صنفهم بأنهم العدو الحقيقي للمسلمين فقال عليه السلام:
«فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم».
ولعل الرجوع إلى موضع آخر من هذه الرسالة التي أخرجها الإمام علي عليه الصلاة والسلام إلى المسلمين عامة في بيان الأخطار التي تتمثل في هذه الفئة، معاوية ومن سار على نهجه من خلفاء بني أمية وغيرهم كالنواصب وأتباع ابن تيمية، ليقدم صورة حقيقية من ضرورة إرشاد الناس إلى هذا الخطر وكشف حقيقة هؤلاء فيقول عليهم السلام:
«قد بدت الرغوة من الصريح، وقد بين الصبح لذي عينين، إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأولي الجفاء ومن أسلم كرها، وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله أنف الإسلام كله حربا، أعداء الله والسنة والقرآن وأهل البدع والأحداث، ومن كانت بوائقه تتقى، وكان على الإسلام وأهله مخوفا، وأكلة الرشا وعبدة الدنيا، لقد أنهي إلى أن ابن النابغة لم يبايع حتى أعطاه [ثمنا] وشرط أن يؤتيه أتية هي أعظم مما في يده من سلطانه، ألا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، وخزيت أمانة هذا المشتري نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وإن فيهم لمن قد شرب فيكم الخمر وجلد الحد في الإسلام، ويعرف بالفساد في الدين والفعل السيئ، وإن فيهم لمن لم يسلم حتى رضخ له على الإسلام رضيخة.
فهؤلاء قادة القوم، ومن تركت ذكر مساويه من قادتهم مثل من ذكرت منهم بل هو شر منهم، وهؤلاء الذين [ذكرت] لو ولوا عليكم ولا ظهروا فيكم الفساد والكبر والفجور والتسلط بالجبرية والفساد في الأرض، واتبعوا الهوى وحكموا بغير الحق».
وهذا المقطع من كلامه عليه الصلاة والسلام قد أظهر صفات أهل البدع والأعداء الحقيقيين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين فكانت صفاتهم وعلاماتهم كالآتي:
أولاً: صفات وعلامات أعداء الإسلام
1 - (الطلقاء وأبناء الطلقاء)
وهؤلاء الذين أسرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما فتح الله له مكة فجمعهم ثم أطلق سراحهم فهم لم يسلموا وإنما استسلموا.
2 - (أولي الجفاء).
3 - (أسلموا كرهاً).
4 – (كانوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام حرباً).
5 - (أعداء الله والسنة والقرآن).
وينادون أنهم أنصار السنة وحماتها وهم ألد أعدائها.
6 - (أهل البدع والأحداث).
وكل محدثة في النار.
7 - (أهل البوائق على الإسلام وأهله).
8 - (آكلين للرشوة).
9 - (عبدة الدنيا).
ثانياً: علامات قيادات أعداء الإسلام وصفاتهم
ثم ينتقل عليه السلام إلى بيان قيادات هذه الجماعة وصفاتهم.
1 - (الفسق والغدر).
وهذه صفات جميع قيادات هذه الجماعات التكفيرية منذ أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
2 - (شرب الخمر).
وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط والي الكوفة من قبل عثمان بن عفان، الذي استفرغ في محراب مسجد الكوفة من الخمر.
وقد أقام عليه الإمام الحد فجلده في محضر أخيه من أمه خليفة المسلمين عثمان بن عفان.
3 - (الاشتهار بالفساد والفعل السيئ).
وهو عمرو بن العاص.
4 - (التعامل مع الإسلام بالصفقة والربح المتفق عليه مسبقاً).
وهي ولاية مصر التي أعطاها معاوية لعمرو بن العاص.
وجميع هذه الصفات هي نافذة وحاضرة لدى الفرق والمجاميع التكفيرية التي حملت السلاح لغرض أفكارها وآرائها على الناس.
وعليه:
وجب على المسلمين معرفة هذه الفرق والجماعات منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى يومنا هذا وتشخيص صفاتها وعلامتها ومحاربتها ([4]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة بتحقيق الشيخ قيس العطار: ص179: طبعة العتبة العلوية.
([2]) المصدر السابق: ص170.
([3]) المصدر السابق: ص432.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمن الفكري في نهج البلاغة، للسيد نبيل الحسني: ط: العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة. ص236-240.