من الأمثال العربية في نهج البلاغة: قوله (عليه السلام) ((كَنَاقشِ الشّوكَةِ بالشّوْكَة))

مقالات وبحوث

من الأمثال العربية في نهج البلاغة: قوله (عليه السلام) ((كَنَاقشِ الشّوكَةِ بالشّوْكَة))

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-08-2021

بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم/ الجامعة العربية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..
وبعد:
استعمل الإمام علي عليه السلام المثل العربي في مواطن كثيرة قفت عليها في كتاب نهج البلاغة وهي على النحو الآتي:
قوله عليه السلام: (كَنَاقشِ الشّوكَةِ بالشّوْكَة)[1]
(.... أما والله لو أني حين أمرتكم بما أمرتكم به حملتكم على المكروه الذي يجعل الله فيه خيرا.... إلى قوله: والى من؟ أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي، كناقش الشوكة بالشوكة وهو يعلم أن ضلعها معها...)[2]
هذا من كلامه (عليه السلام) في ليلة الهرير إحدى ليالي معركة صفين والتي افترقوا فيها عن سبعين ألف قتيلاً.[3]
والمثل المستخدم في هذه الخطبة من قبل الإمام علي (عليه السلام) (كناقش الشوكة...) ورد في كتب الأمثال كالآتي:
((لا تنقش الشوكة بمثلها فإن ضلعها معها))[4]
أي لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنصح منه لك، والضلع الميل يقول: إن الشوكة إذا نقشت بها شوكة أخرى لم تخرجها وانكسرت معها، فصارت الشوكة أشد تفاقماً وقد نقشت الشوكة إذا استخرجتها، وأصل النقش الإستقصاء وذلك بأن الشوكة يستقصى عليها في الكشف وتستخرج وفي الحديث (من نوقش في الحساب عذب)[5].

قال الشاعر[6]

لا تنقش برجلِ غيركَ شوكةً                فتقي برجلِكَ رجلَ من شاكَها
ويبين ابن أبي الحديد معنى المثل بقوله [7]: (لا تنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها) والضلع الميل، يقول: لا تستخرج الشوكة الناشبة في رجلك بشوكة مثلها، فإن إحداهما في القوة والضعف كالأخرى، فكما أن الأولى انكسرت لما وطئها، فدخلت في لحمك فالثانية إذا حاولت استخراج الأولى بها تنكسر وتلج في لحمك.
فكان ربط المثل الذي قاله الإمام (عليه السلام) بصورة المتكلم إلى المخاطب السامع بقوله كناقش الشوكة بالشوكة موضحاً معنى المثل ومضمونه لا شكله، فجاء كلامه ببيان وصف رائع لأصحابه! أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي، فالعلة بأصحابه الذين ارتضوا بحادثة التحكيم التي لو رفضوها وأخذوا بقوله ونصحه لهم لما كان الداء والدواء.
فكيف له أن يرفع هذه الحادثة بعد أن أوجدها وارتضوا بها فكان حالهم وحال الإمام (عليه السلام) كمعالجة إخراج الشوكة بشوكة أخرى لا تزيدها إلا ولوجاً وألماً.[8].

الهوامش:
[1]- نهج البلاغة: كلام رقم (120)
[2]- نهج البلاغة: كلام رقم (120)
[3]- ينظر: ابن مزاحم:نصر بن مزاحم  المنقري (ت212هـ)،  وقعة صفين تحقيق: عبد السلام هارون،  منشورات مكتبة المرعشي    (د. ت)؛  الطبري: تاريخ الامم والملوك 3/269
[4]- أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 2/994 بزيادة وإزالتها لها؛ الميداني: مجمع الأمثال 3/182، الزمخشري: المستقصى 2/260.
[5]- أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 2/394؛ ابن فارس: معجم مقاييس اللغة 5/470.
[6]- ابن منظور: لسان العرب 8/227 مادة نقش، دون ذكر اسم الشاعر ولم أقف على قائله.
[7]- شرح النهج 7/294
[8]لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 110 –111.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2528 Seconds