من خصائص نهج البلاغة: 20- المنهج الإداري

مقالات وبحوث

من خصائص نهج البلاغة: 20- المنهج الإداري

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 28-02-2022

بقلم: الدكتور علي الفتال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
من خلال قراءتي ((نهج البلاغة)) بتأملٍ وتأنٍ ورويَّة، وجدت في محتواه خصائص هي بمجموعها تشكل قوانين الحياة بمفاصلها الحيوية، وأنا بتحديدي تلك الخصائص لا يعني ذلك أنني توفرت على خصائص ((النهج)) كلها بل هي بعض ما تراءى لي بعد قراءتي المتأنية تلك. لذلك أطلقتُ عليها ((من خصائص))، والتبعيض هذا الذي دلّت عليه الأداة (مِن) يعني أن ثمة خصائص أخرى يضمها كلام علي عليه السلام فاكتفيت بالذي وجدت.
وإليك قارئي العزيز هذه الخصائص:

المنهج الإداري
في المنهج الإداري مثله في المنهج المالي؛ إذ كان عليه السلام يريدها دولة إسلامية نظيفة من الظلم الاجتماعي، بعيدة عن المحسوبية والمنسوبية، الطبقات فيها معدومة والحقوق فيها غير مهضومة (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وأن المسلمين، (سواسية كأسنان المشط) فلا فرق بين قرشي وحبشي ولا بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. وهكذا كان عليه السلام يؤكد تلك القيم عبر كتبه إلى ولاته ومن يكلفه أمر الرعية.
في كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس، وهوعامله على البصرة قال فيه:
((واعلم أن البصرة مهبط إبليس، وغرس الفتن، فحادث أهلها بالإحسان إليهم، وأحلل عقدة الخوف من قلوبهم، وقد بلغني تنحُّرك لبني تميم، وغلظتك عليهم، وإن بني تميم لم يغب لهم نجم إلا طلع آخر، وإنهم لم يُسبقوا بوغم (بحقد) في جاهلية ولا إسلام، وإن لهم بنا رحماً ماسة، وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها، ومأزورون على قطيعتها، فاربع (ارفق) أبا العباس، رحمك الله فيما جرى على لسانك ويدك من خير وشر فإنّا شريكان في ذلك، وكن عند صالح ظني بك، ولا يفيلنَّ (يضعفنَّ) رأيي فيك، والسلام)).
ومما كتب للأشتر النخعي قوله عليه السلام:
((إياك وحسامات (علو) الله في عظمته، والتشبيه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال.
أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى (مَيل) من رعيتك، وإنك ألاّ تفعل تظلِم! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض (بطل) حجته، وكان الله حرباً حتى ينـزع (يقلع)، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامةٍ على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهوللظالمين بالمرصاد.
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمّها في العدل، وأجمعها لرضا الرعية، فإن سخط العامة يجحف (يذهب) برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يفتقر مع رضى العامة، وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، و أقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف (الإلحاح)، وأقل شكراً عند الإعطاء، وأبطأ عذراً عند المنع، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصة.. ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنـزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة! وألزم كلاً منهم ما ألزم نفسه))[1].

الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج1، ص 336 - 338.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2692 Seconds