بقلم: د. جليل منصور العريَّض
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
لقد الإمام علي عليه السلام شروطاً شاملة ودقيقة فيمن يصلح لتولي ذلك المنصب المهم وهي:
1ـ شروط أخلاقية.
2ـ شروط ثقافية.
3ـ شروط نفسية.
أولاًـ الشروط الأخلاقية:
وحصرها في وجوب كون القاضي من حيث اختياره، من أفضل الرعية عند ولي الأمر أخلاقا[1] وصورة هذه الأخلاق تتجلى في:
الصبر والتأني والثبات فلا «تضيق به الأمور»[2] في مجلس القضاء وأن لا يكون اعسر الخلق لجوجاً، حتى يمكنه تجنب استخدام أساليب الضغط في أثناء طلبه من أحد المتخاصمين الإدلاء بحجته، فهو بهذه الخصيصة الأخلاقية «ممن لا تمحكه الخصوم»[3]. وإذا ما زل على أحد المتخاصمين وشعر بذلك فمن الواجب عليه أن يراجع نفسه فلا «يتمادى في الزلة»[4]، وإذا ما أخطأ واستبان فلا يصر عليه «ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه»[5].
ثانياـ الشروط الثقافية:
بالإضافة إلى تبحر القاضي في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مزوداً بثقافة موسوعية عامة، فلا يقصر نظره في قضايا الناس على ما يستبين له من براهين لأول وهلة، بل يجب أن يستقصي في دراسته لتلك البراهين كل الادلة الشرعية الناتجة عنها «فلا يكتفي بأدنى فهم دون اقصاه»[6]. وقد تشتبه الأمور عليه ويلتبس الحكم، وفي هذه الحالة يجب أن يتحرز من الوقوع في الشبهات، ولا يبت في حكم إلا بعد أن يطمئن إلى عدالته[7]. ثم أنه يجب أن يكون ممن يعتمد في قضائه على سماع جميع أقوال المتخاصمين[8]، ويزنها بميزان العدل بإرجاعها إلى الأصول المعتبرة، ومقارنتها بمثيلاتها، ومن ثم يصدر حكمه بناء على قوة الحجج، لا من حيث الجدال والمماحكة، وقوة الأسلوب، ولكن من حيث قوة المنطق ومطابقته للحق[9].)[10].
الهوامش:
[1] راجع رسائل 53 فقرة 20.
[2] المصدر السابق نفسه.
[3] المصدر السابق نفسه.
[4] راجع رسائل 53، فقرة 20.
[5] المصدر السابق نفسه.
[6] المصدر السابق.
[7] المصدر السابق.
[8] المصدر السابق.
[9] المصدر السابق.
[10] لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور خليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 330-332.