من أقوال الآلوسي في تفسيرقوله تعالى : ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام. ثامناً ـ نعته فاطمة (عليها السلام) بالعدول عن دعوى الإرث لانحراف مزاجها!!

مقالات وبحوث

من أقوال الآلوسي في تفسيرقوله تعالى : ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ودفاعه عن خصوم فاطمة عليها السلام. ثامناً ـ نعته فاطمة (عليها السلام) بالعدول عن دعوى الإرث لانحراف مزاجها!!

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 24-10-2023

بقلم : السيد نبيل الحسني .
في المورد الثامن الذي يدافع فيه المفسر الآلوسي عن خصوم فاطمة عليها السلام ، في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ ،فيقول : (وانحرف مزاج رضاها بالمنع إجماعاً وعدلت عن ذلك الى دعوى الهبة):

أقول:
1- إنَّ من أقرن الله تعالى رضاها برضى سيد الخلق (صلى الله عليه وآله) وآذاها بآذاه، فإن (انحراف مزاج رضاها) ملازم لانحراف مزاج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد قال الله تعالى في بيان هذا «الانحراف في مزاجهما» (صلوات الله وسلامه عليهما):
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [سورة الأحزاب/57].

2- أما إنها (عليها السلام) (انحرف مزاج رضاها بالمنع إجماعا)!!
فهذا الإجماع لم تقم عليه بينه شرعية تسقط الإرث بين الأنبياء (عليهم السلام)، نعم هو بينة قاطعة على إجماع أهل السقيفة ومن استنَّ بسُنّة الشيخين على ظلمها واضطهادها، وسلب أموالها، فكان مصداقاً لقول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام):
«وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا».

 3- أما قوله (وعدلت عن ذلك الى دعوى الهبة)!!
فهذا مدعى من تضافر على ظلمها، ولقد بسطنا القول فيه في بحثنا الموسوم، بـ (أدعاء أبي علي الجبائي وابن أبي الحديد المعتزلي بتقديم فاطمة(عليها السلام) المطالبة بإرث النبي (صلى الله عليه وآله ) وبيّنا إن أول من قال بهذا الادعاء أبو علي الجبائي وتبعه الاستر آبادي ثم ابن أبي الحديد المعتزلي ، ثم الآلوسي متضافراً مع  من سبقه ، وقد رد الشريف المرتضى، ثم تبعه السيد حبيب الله الخوئي (رحمهما الله ) هذا المدعى ، ومن ثمّ ليتضح بطلان هذه الافتراءات فضلاً عن التآزر والتناصر لخصوم بضعة النبوة وصفوة الرسالة (عليها السلام) منذ وقوع الظلامة والى يومنا هذا.
4- إنَّ من تطاول على فاطمة (عليها السلام) واتهمها بأخذ الصدقة وهي محرّمة عليها، فقد اتهم الله في محكم كتابه ولاسيما قد طهرها جل شأنه من الآثام وجعلها بضعة سيد الأنام وسيدة نساء أهل الجنّة، فأي جنّة هذه التي يعتقد بها الآلوسي وأسلافه وهم يتّهمون أسياد الجنّة بأخذ ما ليس لهم أو أنهم يتعاملون مع الشرع بالأمزجة !! فنعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله (صلى الله عليه وآله) مما يقولون ونبرأ إليهما من ذلك.
فبضعة النبوة غير غافلة عن شريعة أبيها (صلى الله عليه وآله) ولا صادة عن أحكامه، لتدعي -والعياذ بالله- ما ليس لها، فتعدل من الإرث الى الهبة؟
ومِنْ ثمَّ : لا يمكن دفع التوارث بين الأنبياء عليهم السلام في الأموال بعد إقرار القرآن والسُنّة واللغة بذلك ، كما لا يمكن دفع الهبة بينهم ، أو الوصية أو التولية أو النص بالخلافة ؛ إلاّ أن الحقيقة المرّة والتي لا مفرَّ منها ، هي : تضافر الأمة على هضم فاطمة (عليها السلام) وقد تجلّت في دفاعهم عن خصومها والانتصار لهم ، وهو ما صرّح به أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن واراها في الثرى ، فحوّل بوجهه إلى الروضة النبوية الشريفة ، فقال:
« السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه عَنِّي ، والسَّلَامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وزَائِرَتِكَ والْبَائِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ...»[1] إلى أن يقول:
«وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ [عليَّ] وعَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ»[2] «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين»[3] . [4]  

الهوامش:
[1] الكافي ، الكليني : ج1 ص458 ؛الأمالي ، الشيخ المفيد :ص283 ؛  نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم 202 .
[2] نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم : 202
[3] الأمالي ، الشيخ المفيد : ص282
[4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقران والسُنّة واللغة ، السيد نبيل الحسني : 220 / 222 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة ، ط1 دار الوارث كربلاء - 2021م – مع بعض التصرف والإضافة- .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2355 Seconds