مناقشة أقوال الآلوسي في تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} الحادي عشر: قوله بانتهاء ما شجر بين بضعة النبوة فاطمة (عليها السلام) وأبي بكر برضاها عنه وقد ورد ذلك في كتب الإمامية المعتبرة.

مقالات وبحوث

مناقشة أقوال الآلوسي في تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} الحادي عشر: قوله بانتهاء ما شجر بين بضعة النبوة فاطمة (عليها السلام) وأبي بكر برضاها عنه وقد ورد ذلك في كتب الإمامية المعتبرة.

595 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-12-2023

بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي

في المورد الحادي عشر الذي يدافع فيه المفسر الآلوسي عن خصوم فاطمة (عليها السلام)، فيقول:
(أن أبا بكر استرضاها [عليها السلام] مستشفعاً إليها بعلي [عليه السلام] فرضيت عنه - كما في "مدارج النبوة" و"كتاب الوفاء" و"شرح المشكاة" للدهلوي- وغيرها، وفي "محاج السالكين". وغيره من كتب الإمامية المعتبرة ما يؤيد هذا الفصل حيث رووا أن أبا بكر لما رأى فاطمة [عليها السلام] انقبضت عنه وهجرته ولم تتكلم بعد ذلك في أمر فدك كبر ذلك عنده فأراد استرضاءها فأتاها فقال: صدقت يا بنت رسول الله [صلى الله عليه وآله] فيما ادعيت ولكن رأيت رسول الله [صلى الله عليه وآله] يقسمها فيعطي الفقراء والمساكين وابن السبيل بعد أن يؤتي منها قوتكم فما أنتم صانعون بها؟ فقالت: أفعل فيها كما كان أبي [صلى الله عليه وآله] يفعل فيها فقال لك الله تعالى أن أفعل فيها ما كان يفعل أبوك، فقالت: والله لتفعلن؟ فقال: والله لأفعلن ذلك فقالت: اللهم اشهد ورضيت بذلك، وأخذت العهد عليه فكان أبو بكر يعطيهم منها قوتهم ويقسم الباقي بين الفقراء والمساكين وابن السبيل)[1] .

أقول: الحمد لله حيث قال في كتابه الكريم: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله الْأَمْثَالَ) [سورة الرعد : 17) .

1- لاريب إنّ هذا الاسترضاء لا وجود له إلاّ في مخيلة الآلوسي ومن سلك نهجه، وذلك أنه محظ خيال سرعان ما يتلاشى عند قراءة صحيح البخاري ومسلم النيسابوري اللذان آمن بصحتهما الآلوسي وقد صرّحا بأن بضعة النبوة فاطمة (عليها السلام) قد هجرت أبي بكر وعمر، وغضبت عليهما، وماتت وهي ساخطة عليهما، وذلك لما انتهكاه في حقها حتى لحقت بأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) محتسبة شهيدة.

2 ـ إنّ مما استشهد به الآلوسي من عنوانات لبعض المصادر التي يستند إليها بمدعى رضى بضعة النبوة وصفوة الرسالة (عليها السلام) عن أبي بكر فهي لإقلام لا يقر أعلام أهل السّنة والجماعة بصحة كثير مما ورد فيها ولا سيما أن رضى سيدة النساء (عليها السلام) يتعارض مع الصحاح التي أخذت بأعناقهم وتعبدوا بها ويحشرون عليها.

3 ـ أما قوله بورود ذلك في (كتب الإمامية المعتبرة ما يؤيد هذا الفصل)، فأقل ما يقال فيه أن تدليس على المسلمين، وأما من الناحية العلمية فهو من الأوهام التي لا ترقى الى الدلالة الظنية أمام حجية القطع في تواتر غضبها وسخطها (عليها السلام) على أبي بكر وعمر ومن أزرهما على ظلمها .

ومن ثمّ لم يشهد أحد من الصحابة جنازتها ولم يعلموا موضع قبرها، وتضافر ذلك في الصحاح والسنن لأهل السّنة والجماعة، وعلى ذلك طوت القرون فنشأ الإمامية عليه، ويحشرون عليه، ويقبلون به على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لا يحيدون عنه، ولا يجاملون فيه، يوالون النبي وعترته ويبرئون من أعدائهم.

ومن ثمّ: لا يمكن دفع التوارث بين الأنبياء (عليهم السلام) في الأموال بعد إقرار القرآن والسُنّة واللغة بذلك ، كما لا يمكن دفع الهبة بينهم ، أو الوصية أو التولية أو النص بالخلافة ؛ إلاّ أن الحقيقة المرّة والتي لا مفرَّ منها، هي: تضافر الأمة على هضم فاطمة (عليها السلام) وقد تجلّت في دفاعهم عن خصومها والانتصار لهم، وهو ما صرّح به أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله)  بعد أن واراها في الثرى، فحوّل بوجهه إلى الروضة النبوية الشريفة، فقال:
(السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه عَنِّي، والسَّلَامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وزَائِرَتِكَ والْبَائِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ...»[2] إلى أن يقول:
وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ [عليَّ] وعَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ» «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين»[3].

الهوامش:
[1] تفسير الآلوسي: ج4 / ص221
[2] الكافي ، الكليني : ج1/ ص458 ، الامالي ، الشيخ المفيد : ص283 ،  نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم 202 .
[3] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقران والسُنّة واللغة ، السيد نبيل الحسني : 228 / 229 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة ، ط1 دار الوارث كربلاء - 2021م – مع بعض التصرف والإضافة- .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2721 Seconds