من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة قال عليه السلام: ((بِنَا اهْتَدَيْتُمْ في الظَّلْمَاءِ وَتَسَنَّمْتُمُ العلْيَاءَ وبِنَا انْفَجَرْتُم عَنِ السِّرَارِ)) ثالثاً: الدلالة على اعتلاء العلياء

مقالات وبحوث

من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة قال عليه السلام: ((بِنَا اهْتَدَيْتُمْ في الظَّلْمَاءِ وَتَسَنَّمْتُمُ العلْيَاءَ وبِنَا انْفَجَرْتُم عَنِ السِّرَارِ)) ثالثاً: الدلالة على اعتلاء العلياء

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-12-2023

بقلم: د. حسام عدنان الياسري.

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وازل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.

وبعد:
أستعمل الإمام (عليه الصلاة والسلام) لهذه الدلالة مفردة (تَسَنَّمتُم) التي ساقها في مقام بيان فَضْل أهل البيت (عليهم السلام) على النّاس، واهتدائهم بهم إلى الحقَّ. يقول أمير المؤمنين: ((بِنَا اهْتَدَيْتُمْ في الظَّلْمَاءِ، وَتَسَنَّمْتُمُ العلْيَاءَ، وبِنَا انْفَجَرْتُم عَنِ السِّرَارِ...))[1]. وقد جعل (الاهتداء) مقدمة لـ(تَسَنُّمم). فالمرء يهتدي إلى الشيء أولاً، ومن ثَمّ يرتقيه سواء أكان ذلك الشيء من المركوبات أم من غيرها. وقد أشار بـ(الظلماء) هنا إلى ظلمات الجاهلية التي كان الناس يعمهون فيها تيهاً وضلالاً، حتّى اهتدوا بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ورسالته إلى طريقهم التي أنارها لهم بنور الإسلام.
أمّا مفردة (تسَنّمْتُم)، فقد استعارها الإمام في هذا السياق لارتقاء العرب المنزلة السَّامية الرفيعة بفضل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وتستعمل هذه المفردة في ارتقاء ظهر الجَمل، فيقال لمن اعتلى بعيراً: إنّه تسنّمَه. ثم اتسعت دلالة هذه الكلمة- كما يبدو- فأصبح كل ما ركبه المرء من شيء، فقد تسنمه[2].
وأما مفردة (العَلْياء)، فهي في اللغة اسم للمكان المرتفع كالنَّجد وغيره[3]. والملاحظ أنّ أمير المؤمنين أراد تذكير هؤلاء القوم أنّ ما وَصَلوا إليه من منزلة وعَلّو قدرٍ، فإنّه بفضل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار الذين أخرجوا النّاس من الظلمات إلى النّور. فوظف مفردة (تسنْمتُم) للدلالة على ارتقائهم ووصولهم إلى ما هم عليه من الشّرف والرّفعة. فناسب ذلك المعنى استعارة الإمام لمفردة (تسنّمتم) لـ(ذُروة العَليْاء)، ملاحظة لشبهها بالنّاقة التي يُعْتلى سنامها[4]في كناية عن علوم قدرهم وشرف ذكرهم [5]. )[6].

الهوامش:
[1] نفسه: خ / 4: 34.
[2] ينظر: لسان العرب (سنم): 12/307.
[3] ينظر: الفائق: 1/121.
[4] ينظر: شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد): 1 / 200، وشرح نهج البلاغة (البحراني): 1/186.
[5] ينظر: شرح نهج البلاغة (البحراني): 1/186.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 52-53.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2509 Seconds