بقلم: الدكتور محمد سعدون عبيد العكيلي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
روى الكوفي[1] فقال: (حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: خطب الحسن بن علي حين قتل علي فقال: يا أهل الكوفة - أو يا أهل العراق - لقد كان بين أظهركم رجل قتل الليلة أو أصيب اليوم لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بعثه في سرية كان جبريل عن يمينه وميكايل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه). ويتفق أحمد بن حنبل[2] مع الكوفي في الرواية ونصها إلا أنه قد زاد في رجال سندها وهي كالتالي: (... عن هبيرة خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنه فقال لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له). ويختلف النسائي[3] مع الكوفي فيروي الرواية بسند مختلف ونص فيه زيادة واختلاف أيضاً فيقول: (أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا يونس عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال خرج إلينا الحسن بن علي وعليه عمامة سوداء فقال لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ثم لا ترد يعني رايته حتى يفتح الله عليه ما ترك دينارا ولا درهما إلا سبعمائة درهم أخذها من عطائه كان أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ذكر قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي إن الله جل ثناؤه لا يخزيه أبدا). وكيف لا وهو القائل أقصد الإمام عليًا (عليه السلام) غري غيري يا حمراء يا صفراء فهو سيد الزاهدين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف لا تحفه الملائكة عن يمينه وعن شماله وهو الذي يشكل وزارة الدفاع -كما يقال في وقتنا الحاضر- المحمدية.
وأيضاً من ضمن الروايات التي تؤكد حكم العلاقة والوشائج التي كانت تربط النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه وابن عمه وصهره، روى الكوفي[4] فقال: (... عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: بينما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنده نفر من أصحابه، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عند امرأة منهن شيئا، فبينما هم كذلك إذ هم بعلي قد أقبل أشعث مغبرا، على عاتقه قريب من صاع من تمر قد عمل بيده، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (مرحبا بالحامل والمحمول، ثم أجلسه فنفض عن رأسه التراب، ثم قال: مرحبا بأبي تراب)، فقربه، فأكلوا حتى صدروا، ثم أرسل إلى نسائه إلى كل واحدة منهن طائفة). فيتفق محمد بن سليمان الكوفي[5] فيورد الرواية الشكل التالي: (... عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه قال: بينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنده نفر من أصحابه وقد مسهم الجوع فأرسل إلى نسائه فلم يجد عند امرأة منهن شيئا!! فبينا هو كذلك إذ هم بعلي قد أقبل أشعث مغبرا حاملا على عاتقه قريبا من صاع من تمر قد عمل بيده فوضعه بين يدي النبي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): مرحبا بالحامل والمحمول. ثم أجلسه فنفض عن رأسه التراب ثم قال: مرحبا بأبي تراب فقربه فأكلوا حتى صدروا ثم أرسل إلى نسائه إلى كل واحدة منهن طائفة منه، والصدور: الرجوع عن الشيء أي فأكلوا منه حتى رجعوا عن الاكل أي حتى شبعوا فأمسكوا عن الاكل)([6]).
الهوامش:
([1]) المصنف، ج7، ص499.
([2]) مسند أحمد، ج1، ص199.
([3]) السنن الكبرى، ج5، ص112؛ المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص414؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج3، ص38؛ البري، محمد بن أبي بكر الأنصاري التاهساني (ت ق 7 هـ)، الجوهرة في نسب الإمام علي وآله، تحقيق: محمد التونجي، ط1، مكتبة النوري، (دمشق - 1402هـ)، ص122.
([4]) المصنف، ج7، ص500.
([5]) مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، ج2، ص5.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخبار الإمام علي بن ابي طالب في كتاب المصنف لابن ابي شيبة الكوفي: تأليف محمد سعدون عبيد العكيلي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 132-134.