.png)
مقالات وبحوث
بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
المغتلمين
ورد حديث الإمام عَليّ (عليه السلام) بقوله: ((تجهزوا لقِتَال المارقين المغتلمين))[1]. وردت مفردة(المغتلمين) التي عدَّها اصحاب غريب الحديث من الغريب، والمغتلمين من اصل (غلم)، قال الخليل: ((غَلِمَ يَغْلَمُ غَلَماً وغِلْمةً أي غُلِبَ شهوة)) [2]. وقال الأزهري: ((اغتلم اغتلاماً، وَهُوَ المغلوبُ شهْوةً)) [3].
وقد جُمعَتْ معاني الاغْتِلاَمِ في قولِ ابن فارس: ((الغَين واللاَّم والمِيم أَصل صَحِيح يَدُلُّ عَلىَ حَدَاثَةٍ وهَيْجِ شَهْوَةٍ..... ومِنْ بَابِهِ: اغْتَلَمَ الفَحْلُ غُلْمَةً: هَاجَ مِنْ شَهوَةِ الضراب))[4].
فقد اجمع اصحاب الغريب المراد بالمُغتلمينَ: أَن يجاوزَ الْإِنْسَان حدَّ مَا أَمر بِهِ من الْخَيْر والمباح [5]،أي: المتجاوزين حدود مَا أُمروا بِهِ من الدِّين وطاعَةِ الإِمَام[6]، والذين بَغوا على إمام زمانهم وطَغوا عليه[7]، فاستعار لفظ اغتلموا من الذي جاوز الحد في الشهوات الى الذي جاوز الحد فيما أمر به من الدين بطاعة الإمام (عليه السلام)، ويُؤكِّدُ هذا المعنى دونَ غيره سياقُ الحال في بيان شخصيته (عليه السلام) والظروف المحيطة بكلامه وما يسميه العلماء الموقف الكلامي[8] تتجلى في صيغة الامر(تجهزوا)؛ لأنَّ الأحوالَ الَّتي جرى فيها الكلامُ كانت تحثّ على تجهيز الجيش للقتالِ، فلا مجالَ لأنْ يكونَ للمُغتلمينَ غير هذا المعنى. ويلحظ أنَّ الإمامَ (عليه السَّلام) أرادَ أنْ يَشْحذَ هِمَم المؤمنين ليتجهَّزوا لقتالِ هؤلاءِ الضَّالِّينَ الخارجينَ عن الإسلامِ، فوصفهم بالمارقين والمُغتلمينَ[9].)([10]).
الهوامش:
[1] تهذيب اللغة: (غلم)8/136، مقاييس اللغة: (غلم) 4/387، الغريبين في القرآن والحديث: 4/1385، الفائق في غريب الحديث: 3/74، غريب الحديث: ابن الجوزي: 2/161، النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/382، ، تاج العروس: (غلم)33/175.
[2] العين: (غلم )4/ 422.
[3] تهذيب اللغة: (غلم)8/135، وينظر: الغريبين في القرآن والحديث: 4/1385، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3/382.
[4] مقاييس اللغة: (غلم )4/ 387.
[5] ينظر: تهذيب اللغة: (غلم)8/136، والغريبين في القرآن والحديث: 4/1385، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2/382.
[6] ينظر: الفائق في غريب الحديث: 3/74.
[7] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/382.
[8] ينظر: عوامل التغير الدلالي في اللغة العربية بين القديم والحديث، محمد باخير عبد الله: 189.
[9] ينظر: الفائق في غريب الحديث: 3/74، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 3/382، ولسان العرب: (غلم)12/440.
([10]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 159-160.
