إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء الحلقة (5): إشاراته حول قانون القصور الذاتي (الاستمرارية)

مقالات وبحوث

إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء الحلقة (5): إشاراته حول قانون القصور الذاتي (الاستمرارية)

277 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-06-2025

بقلم: أ.د  علي خلف حسن السنيد

الحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُكْرُ عَلى ما ألْهَمَ، والثَناءُ بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغُ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامٍ مِنَنٍ والاها، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:
في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد وفي الحكم المنسوبة للإمام علي (عليه السلام)، قال «تحريك الساكن أسهل من تسكين المتحرك»([1]). وضع علماء الفيزياء تعريف للاستمرارية (القصور الذاتي) وهي خاصية عامة تشترك فيها جميع المواد، وهو: «يستمر الجسم في حالة السكون أو الحركة بسرعة منتظمة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية»([2])، يعنى إن الجسم الساكن يبقى ساكنا» على حالته الأصلية، فلا يتحرك من تلقاء نفسه إلا بمحرك أخر، ومع ذلك يحاول أن يبقى على حالته السابقة، وهكذا لو كان يتحرك الجسم بسرعة منتظمة يستمر على حركته إلا إذا أثرت عليه قوة لإيقافه. كما انه ثابت علميا (بالعموم) بأن القوة التي يحتاجها الجسم الساكن لتحريكه أقل من القوة اللازمة لإيقاف الجسم المتحرك بسرعة.

فلو وضعت قطعة نقود فوق قطعة من الورق السميك (المقوى) موضوعة على فوهة إناء، وسحبت قطعة المقوى بسرعة، ترى إن قطعة النقود تسقط في الإناء، أي إنها لم تتابع الحركة المفاجئة بل حاولت الحفاظ على سكونها. ومن الأمثلة المعروفة والتي دائما تذكر في كتب الفيزياء المبسطة، هي جلوس شخص في سيارة أو قطار، فلو كان ساكنا وتحركت السيارة بسرعة لتأخر جزء من جسده في متابعة حركة السيارة، ليحافظ على سكونه، أي على حالته السابقة. وأيضا إذا استمرت السيارة في سيرها فجسم الشخص يتحرك معها، فان توقفت السيارة فجأة فان جزء من جسده يتحرك قليلا في متابعة لحركة السيارة أي ليحافظ على حالته التي كان عليها وهي الحركة.
يقول أحمد أمين، كان الأتراك يسمون القصور الذاتي «بالعطالة»، لأن كل جسم في ذاته عاطل لا يقوى على تغيير في ذاته، فالساكن ساكن إلى أن يحركه غيره، والمتحرك يبقى على حركته وعلى السرعة نفسها التي يتحرك بها إلى أن تتدخل قوة، فتزيد من سرعته أو تقلل منها. والأشياء جميعا فيها قصور ذاتي، فلا تتمكن من أن تؤثر في نفسها، بل تبقى محافظة على ما هي عليه من حالة سواء سكون أو حركة([3]). فما أعظم حكمة أمير المؤمنين (عليه السلام))([4]).

الهوامش:
([1]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي- ج20 – حكمة 894 – ص275.
([2]) الميكانيك للمؤلف، ص101.
([3]) التكامل في الإسلام، ص323- 324.
 ([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: إشارات ريادية للإمام علي (عليه السلام) في الفيزياء والرياضيات / تأليف: الأستاذ الدكتور علي خلف حسن السنيد، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 65-66.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2924 Seconds