من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها: 4- الزبرج قوله عليه السلام: (حَلِيَت الدُّنْيَا فِي أعْيُنِهم ورَاقَهم زِبْرِجُهَا)

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها: 4- الزبرج قوله عليه السلام: (حَلِيَت الدُّنْيَا فِي أعْيُنِهم ورَاقَهم زِبْرِجُهَا)

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 10-09-2025

بقلم: د. زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
ورد حَدِيث الإمام عَلِيّ (عليه السلام) قوله: ((حَلِيَت الدُّنْيَا فِي أعْيُنِهم، ورَاقَهم زِبْرِجُهَا))([1]). ومنهم من ذكر حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدنيا قوله: ((مَن راقه زِبرِجُها أعقبت ناظريه كَمَهاً))([2])

ومن دلالات المفردة الغريبة التي وردت في حَدِيثِ الإمام (عليه السلام) (زبرجها)، وهي من أصل(زبرج) لها معانٍ عدَّة عند أصحاب اللغة كما قال الخليل: ((الزّبرج: الذهب. والزِّبرج: السَّحاب))([3])، والزِّبْرِج بِالْكَسْرِ: (( الزِّينَةُ مِنْ وَشْيٍ أَو جَوْهَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: يُقَالُ: زِبْرِجٌ مُزَبْرَجٌ أَي مزيَّن..))([4])، والـ(زبرج)على زنة (فعلل)([5]) واستشهد ابن منظور وغيره بحَدِيثِ الإمام(عليه السلام). 

وكذلك لفظة الـ(زبرج) عند ابن الأثير لها معانٍ عدَّة وهي: الزينَة والذَّهب وَالسَّحَاب([6])،. و( الزِّبْرِج) كالزخرف، وهو كل ما له ظاهر جميل وباطن بخلافه([7]).ولفظة(حليت) من: ((حلي الشيء بعيني من باب تعب: أعجبني و حَسُن عندي))([8])، فقوله(عليه السلام) و(رَاقَهم زِبْرِجهَا)، أي: أعجبهم حُسنها([9]).والهاء في زبرجها تعود الى الدنيا التي حليت بعينهم. فالإمام (عليه السلام) يشبههم في البداية بالجهال الذين دفعهم جهلهم لمخالفته، ويصفهم بأنّهم سمعوا هذه الأخبار والحقائق ووعوها وهى ليست خافية عليهم، إلّا أنّ حب الدنيا والتكالب على‌حطامها والاغترار بزبرجها، ولا سيما بعد الفتوحات الإسلامية الكبرى‌التي جرت عليهم ما لا يحصى من الغنائم النفيسة([10])،التي غرتهم، وهذه صِفة الدنيا في تقلبها بأهلها، ولهذا حذر الإمام من الاغترار بزخارفها. يتضح من قوله فلينظر المؤمن الى الدنيا بعين الاعتبار كما صرح القرآن الكريم في مواضع عديدة، فكلام الإمام (عليه السلام) الصورة الناطقة لآيات القرآن الكريم كقوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْس كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}([11]) يلحظ من كلامه(عليه السلام) الاعتبار بعدم الاغترار بزخارف الدنيا)([12]).

الهوامش:
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/294، مجمع البحرين: (زبرج)2/303، وفي نهج البلاغة وردت خطبة الإمام (عليه السلام) بقوله: (والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم ‌زبرجها) نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد: 1/200،نفحات الولالية: 1/253، ولفظة (الكَمَه): مصدر، وكَمِهَ يكمَه كَمَهاً، وَهِي الظُّلمة تطمِس على الْبَصَر. جمهرة اللغة: (كمه)2/984، وينظر: غريب الحديث: ابن سلام: 2/482.
([2]) غريب الحديث في بحار الأنوار: 2/159.
([3]) العين: ( زبرج) 6/202.
([4]) لسان العرب: (زبرج) 2/285، وينظر: تهذيب  اللغة: (زبرج) 11/167، المخصص: 3/295، المعجم الوسيط: (زبرج)1/388.
([5]) ينظر: جمهرة اللغة: 1/49.  
([6]) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/294.
([7]) ينظر: مجمع البحرين: (زبرج)2/303.
([8]) مجمع البحرين: 1/107.
([9]) ينظر: غريب الحديث في بحار الأنوار: 2/159.
([10]) ينظر: نفحات الولاية: 1/253.
([11]) سورة يونس: 10.
([12])  مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص207-209.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.0902 Seconds