إقرار الأنبياء بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)

مقالات وبحوث

إقرار الأنبياء بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)

12K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 24-03-2019

إقرار الأنبياء بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)

الباحث: علي فاضل الخزاعي

 

الله سبحانه وتعالى أخذ من الأنبياء والمرسلين مواثيق وعهود لأداء الرسالة المبعوثين لأجلها وهي هداية الأقوام من الظلال، ومن هذه المواثيق هي إقرار الأنبياء بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ كونه حجة الله على الخلق من الأولين والآخرين، وإن الملائكة والأنبياء خلقوا جميعا من أنوارهم ومن فاضل طينتهم، كما أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) لهم أولويّة على جميع النفوس البشريّة، وتمام الأفلاك العلويّة والأرضين السفليّة، فأن أمير المؤمنين  (عليه السلام ) فاق الجميع أيضاً، ونفسه القدسيّة أشرف وأفضل النفوس، وقد جعل الله له (عليه السلام) منزلة خصيصة عند الله تختلف عن بقية الأنبياء والمرسلين، ولو وُزنت بجميع المخلوقات لرجح عليها([1]).

 

فعن النّبي (صلى الله عليه وآله) قال: إنّ العرش خُلق من نور النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ الملائكة خُلقوا من نور أمير المؤمنين (عليه السلام)[2].

وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) كتبت في كل صحف الأنبياء من أول نبي مرسل الى أخرهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، إذ ورد محمد بن الفضل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: ولاية علي عليه السلام مكتوبة في صحف جميع الانبياء ولن يبعث الله رسول إلا بنبوة محمد ووصيه علي[3].

وما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[4]، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مسلمون بولاية علي عليه السلام[5].

 

فالإقرار بالولاية أمر من الله عز وجل؛ لبيان منزلة أمير المؤمنين عند الله عز وجل، وإثبات الولاية على الخلق والاقرار بها، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قبض الله نبيا حتى أمره الله أن يوصي إلى أفضل عشيرته، من عصبته، وأمرني أن أوصي، فقلت: إلى من يا رب؟ فقال: أوص - يا محمد - إلى ابن عملك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أنه وصيك، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي ، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية ، ولك - يا محمد - بالنبوة ، ولعلي بن أبي طالب بالولاية)[6].

 

ولما أراد الله تعالى أن يأخذ منهم الميثاق على الربوبية والرسالة والولاية تعلق نور إرادته وقدرته بعلي ابن ابي طالب (عليه السلام) والاقرار بولايته؛ فمنهم من أقرّ بها وآمن ومنهم من أنكرها وكفر، فعن الحسن بن نُعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (فمنكم كافر ومنكم مؤمنٌ) فقال: عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم (عليه السلام) وهم ذرّ[7].

يقول المازندراني: إن أخذ الميثاق وقع ثلاث مرات تأكيداً ومبالغة مرة بعد عرك الطين حين خرجوا كالذر يدبون ، ومرة حين كونهم ذراً في صلب آدم ( عليه السلام) بعد تكميل خلقة ، وقبل نفخ الروح فيه ، ومرة ثالثة بعد نفخه حين خرجوا من صلبه يدبون حتى رآهم آدم ( عليه السلام)[8].

 

وعن المقداد بن الأسود رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: والذي نفسي بيده، ما استوجب آدم أن يخلقه اللّه، وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويردّه إِلى جنته: إِلاّ بنبوتي والولاية لعلي بن أبي طالب بعدي، والذي نفسي بيده ما رأى إِبراهيم ملكوت السماوات والأرض، ولا اتخذه اللّه خليلاً إلاّ بنبوّتي ومعرفة علي بعدي، والذي نفسي بيده ما كلَّم اللّه موسى تكليماً، ولا أقام عيسى آية للعالمين إلاّ بنبوتي والإِقرار لعلي من بعدي، والذي نفسي بيده ما تنبأ قط إلاّ بمعرفتي والإِقرار لنا بالولاية، ولا استأهل خلق من اللّه النظر إِليه إِلاّ بالعبودية له والإِقرار لعلي بعدي[9].

 

فسبحانه وتعالى جعل إكمال الدين بولاية أمير المؤمنين كونه عليه السّلام هو حقيقة الدين، فإنما هو بلحاظ كونه قائما بالولاية التي قد مرّ مرارا أنها ولاية اللَّه، فالإمام بلحاظ قيامه بالولاية الإلهية التكوينية والتشريعية يكون مصداقا للدين، ومعنى كونه عليه السّلام قائما بالولاية أنه متحقق بحقائق القرآن وبحقائق أسماء اللَّه تعالى الحسني، وأنه قد أحصى فيه كلّ شيء[10].

فالإقرار بالولاية تستلزم الإقرار بالنبوة، والاقرار بالنبوة كذلك يستلزم الإقرار بالتوحيد الإلهي، فمن ينكر الولاية فأنه أنكر النبوة والتوحيد كون الولاية هي كمال الدين وإتمام النعمة والهداية، وهي شرط الرضا والقبول للدين والأعمال.

 

الهوامش:

([1]) ينظر: الخصائص الفاطمية، الشيخ محمد باقر الكجوري(ت: 1255ه): 1/ 549.

[2] - تفسير الصراط المستقيم: السيد حسين البروجردي، (ت: 1340هـ) ج5، ص84.

[3] - مناقب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب، ج2 ص90.

[4] - سورة البقرة: الآية 132.

[5] - شرح الأخبار، القاضي النعمان المغربي (ت: 363هـ)، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، ط2، 1414، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، ج1، ص236.

[6] - البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، (ت: 1107هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية/ مؤسسة البعثة – قم، ج4، ص871.

[7] - شرح أصول الكافي، المازندراني، (ت: 1081هـ)، تحقيق: مع تعليقات: الميرزا أبو الحسن الشعراني/ ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، ط1، 1421 - 2000 م، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان، ج7، ص54.

[8] - المصدر نفسه: ج7، ص54.

[9] - كتاب سليم بن قيس، سليم بن قيس الهلالي الكوفي، (ت:ق 1)، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، ط1، 1422 - 1380 ش، نگارش، دليل ما، ص382.

[10] - ينظر: الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة الشيخ جواد بن عباس الكربلائي، تحقيق: مراجعة: محسن الأسدي، ط1، 1428 - 2007 م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ج5، ص102.

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2754 Seconds