الإمام عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام الإمام المبين.

فضائل الإمام علي عليه السلام

الإمام عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام الإمام المبين.

8K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-01-2019

 الإمام عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام الإمام المبين.

 

الباحث: سَّلَام مَكّي خُضَيّر الطَّائِيّ

 

الحمدُ لله ربّ العالمين والصَّلَاة على خاتم الأمد مُحمَّد وآله الطَّاهرين، واللعن الدَّائم على أعدائهم من الأَوَّلين والآخرين والمبغضين لهم إلى قيام يوم الدِّين.

 

أمَّا بعد:

 

فإنَّ الحديث عن فضائل أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه) لا تكفيها هذه الصَّفّحات المختصرة ولا مجلدات معتبرة، بل هي كالبحر لا ينقصه كثر الماتحين، بل هي أكثر من ذلك، ولكن نتطرَّق إلى إحدى فضائله (عليه السَّلَام) ألا وهي ( الإمام المبين).

 

فهو (عليه السَّلَام) الذي أحصيت به كل العلوم والمعارف الأخلاقية والدينية وغيرها، فقوله (عليه السَّلَام): (سلوني قبل أن تفقدوني)[1]، يدل بظاهره وفحواه على أنّه (عليه السَّلَام) مشتمل على جميع علوم الدين والمعارف وغيرها، وأنّه (عليه السَّلَام) غير مخل بشيء من هذه العلوم[2].

 

فأحصى الله تعالى به علم كل شيء وجعله الإمام المبين، إذ ورد فيما رواه ابن عباس‘ قال: (لمَّا نزلت هذه الآية: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾[3]، قام رجلان فقالا: يا رسول الله، أهي التَّوراة؟ قال: (لا). قالا: فهو الإنجيل؟ قال: (لا). قالا: فهو القرآن؟ قال: (لا)، فأقبل أمير المؤمنين عَلَيْهِ السَّلَام فقال: (هو هذا الذي أحصى الله فيه علم كل شيء، وإن السعيد كل السعيد من أحب عَلِيّاً في حياته وبعد وفاته، وإنَّ الشَّقيّ كلّ الشَّقيّ من أبغض هذا في حياته وبعد وفاته))[4].

 

فهو (عليه السَّلَام) باب علم مدينة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بحسب ما ورد عنه (صلَّى الله عليه وآله) إذ قال في حقّه (عليه السَّلَام): (أنا مدينة العلم وعليّ بابها، ولن تؤتى المدينة إلَّا من قبل الباب)[5]، فكيف لا يحصى به علم كل شيء؟

 

فالله تعالى أعطاه علم كلّ شيء كما أعطى لرسوله الكريم (صلَّى الله عليه وآله) وجعله معه في درجة واحدة ولكن جعل النَّبيّ مُحمَّد (صلَّى الله عليه وآله) نبيّاً للأُمَّة الإسلامية وجعله (عليه السَّلَام) خليفة ووصيّاً له بعده، فإنَّهما متساويان في المقام والمنزلة عند الله تعالى، وكذلك متساويان في العلوم والمعارف وفي كلّ شيء ما عدا النبوة، وهذا ما ورد عن ابن عمر قال: سألت رسول الله (صَلَّى الله عليهِ وآلِهِ) عن عَلِيّ بن أبي طالبٍ (عَلَيْهِ السَّلَام) فقلت: يا رسول الله، ما منزلة عَلِيّ (عليه السَّلَام) منَّك؟ فغضب (صلَّى الله عليه وآله) ثم قال: (ما بالَ قوم يذكرون رجلاً له عند الله منزلة كمنزلتي، ومقام كمقامي، إلَّا النّبوَّة)[6].

 

وفضيلة أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) في أنَّه الإمام المبين والمحصي لكل العلوم كرَّمه الله تعالى بها، وإنَّه (عليه السَّلَام) يعلم ما أتت به الكتب السماوية السَّابقة وما حوته بين طيَّاتها أكثر من الأنبياء الذين أتوا بها، وهذا ما يؤكّده كلامه (عليه السَّلَام)، إذ قال: (لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى لو كان موسى حاضراً لأقرَّ بأنِّي أحفظ لها منه، ولأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتَّى لو كان عيسى حاضراً لأقرَّ بأنِّي أحفظ له منه، ولأفتيت أهل الزَّبور بزبورهم حتَّى لو كان داوود حاضِراً لأقرَّ بأنِّي أحفظ له منه)[7].

 

فالإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) أعطاه الله تعالى خصالاً لم يعطِها لأحدٍ قبله، فإنَّه (عليه السَّلَام) يعلم ما كان قد سبق وما هو كائن وما يكون وما يحدث في المستقبل وغيرها من العلوم الأخرى لم يدانِه في هذه الفضيلة أحد من سائر الخلق حتى الأنبياء ما عدا الرَّسول الكريم (صلَّى الله عليه وآله)، فقال (عليه السَّلَام): (ولقد أعطيت خصالا لم يعطهن أحد قبلي علمت علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عني ما غاب عني أبشر بإذن الله وأؤدي عن الله عزّ وجل كل ذلك مكنني الله فيه بإذنه)[8].

 

فالحديث عن هذه الفضيلة يطول ولا يسعنا في هذا المقام ذكرها بالتفصيل فنكتفي بهذا القدر القليل، ونسأل الله تعالى ذكره أن يمنَّ علينا بدوام نعمة الولاية والطَّاعة لآل بيت النَّبيّ (عليه وعليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) اللذين وجبت علينا طاعتهم  وموالاتهم، واستغفر الله تعالى ربّ العالمين وصلَّى الله على نبيّنا مُحمَّد وآله الطَّيبين الطَّاهرين. 

الهوامش:

[1] رسائل الشريف المرتضى: 1/391.

[2] ينظر: رسائل الشريف المرتضى: 1/391.

[3] سورة يس، الآية (12).

[4] مدينة المعاجز لهاشم البحراني:2/128-129.

[5] الفوائد الطُّوسيّة للحر العاملي: 375.

[6] مشارق أنوار اليقين للشَّيخ رجب البرسي: 90.

[7] المنهج القويم لمهذَّب الدِّين أحمد بن عبد الرّضا البصري: 46.

[8] روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه لمحمّد تقي المجلسي الأوَّل: 13/233.

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2767 Seconds