من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليه السلام): ((غِذَاؤُها سِمَام))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليه السلام): ((غِذَاؤُها سِمَام))

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-10-2023

بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.

وبعد:
قالَ ابن منظور في بيانِ معنى كلمةِ(سِمَام): «السَّمُّ والسِّمُّ والسُّمُّ: القاتلُ، وجَمْعُهَا سِمامٌ، وفي حَدِيــثِ عَلِـــيٍّ (عليه السَّلام) يذُمُّ الدُّنْيَــا: غِذَاؤُهَا سِمَـام، بِالــكَسْرِ؛ هُو جَمْـــعُ السَّمِّ القَاتِلِ. وشيءٌ مَسْمُوم: فيهِ سَمٌّ»([1]).
فِي الحديثِ كلمةٌ على زنة(فِعَال) هي(سِمَام)، وهي من أبنيةِ جمعِ التَّكسيرِ، الدَّالَّةِ على الكثرَةِ، ومشتقَّةٌ من الفعل الثُّلاثيّ(سَمَّ)، والسِّمَامُ «جمعُ السَّمِّ القاتلِ»([2])، ومفردها(سَمّ، وسُمّ)، ومنهم من فرَّق بين اللَّفظينِ في المعنى، فقالَوا: السَّمُّ بالفتح سَمُّ الحيَّة خَاصَّةً، أمَّا بالضَّمِّ؛ فهو مطلقُ السُّمّ، وقالوا أيضًا: أهل العَالِيَة يَقُولُونَ: السُّمّ والشُّهد، بالضَّمِّ، وتميمٌ تفتح السَّمَّ والشَّهد، وقَالوا: هما لُغَتَانِ: سَمّ وسُمّ([3])، ويُجمعُ على وزنينِ «سِمَام، وسُمُوم»([4])، وقد أضاف ابن منظور صيغةً ثالثةً هي (سِمّ) بكسر السين([5]).
أرادَ الإمامُ (عليه السَّلام) أنْ يَصِفَ لنا حالَ الدُّنيَا معَ من ركنَ إليها، واطمأنَّ بها، وفي حديثِ الدُّنيا «قوله: غذاؤها، باعتبار ما يلزمها في الآخرة من مرارة العقاب وسوء المذاقِ»([6])، فيرى الإنسانُ الطَّعامَ، وتطيبُ له الألوانُ، ويَحلو له المذاقُ، فلا يتنبَّه لمضانِّ ذلك الطَّعامِ، فيَقع في سِمَامِ الدُّنيا القاتِل؛ فجاءَ بصِيغةِ جمعِ التَّكسيرِ(سِمَام) الدَّالَّةِ على الكثرة، ليُناسب ما يكثر في الدُّنيا من مزالق يقع فيها الإنسانُ يكون نتيجتها الهلاك والعقاب.
نرى تعبيرَ الإمامِ (عليه السَّلام) جاءَ بلفظِ(سِمَام) وهو كما وردَ جمع(سَمّ) وهو من الأسماءِ، والتَّعبيرُ بالاسمِ يكونُ أقوى دَلالةً من الصِّفةِ؛ لأنَّ الاسمَ يدلُّ على الثُّبـوتِ والاستقرارِ، فهو من ذاتيَّاتِ المُسمَّى، ومجرَّد من الحدثِ والتَّجدُّدِ، فهو جاءَ مناسبًا لمَا أرادَ الإمامُ (عليه السَّلام).

    ومعنى الحديث كما جاءَ عن ابن أبي الحديد، «والسِّمام: جمعُ سَمٍّ لهذا القاتل، يُقالُ: سَمٌّ وسُمٌّ، بالفتحِ والضَّمِّ، والجمعُ سِمَام وسُموم»([7]).)([8]).

الهوامش:
[1]   لسان العرب(سمم): 12/302.
[2]   العين(سمّ): 7/206.
[3]   ينظر: التهذيب(سمّ): 12/223.
[4]   تحرير ألفاظ التنبيه، لأبي زكريا النووي(ت676هــ): 171.
[5]   ينظر: لسان العرب(سمم): 12/302.
[6]   مجمع البحرين، للشيخ الطريحي(ت1085هــ): 2/423.
[7]   شرح نهج البلاغة:7/231.
[8] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 93-94.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2630 Seconds