بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
وممَّا ورد من الألفاظِ في المَرويَّات دالًّا على معناها السِّياقُ اللُّغويّ لفظةُ (كُوثَى)، إذ قالَ ابنُ منظور: «ولَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا،(عليه السَّلام) يَقُولُ: مَنْ كَانَ سائِلًا عَنْ نِسْبَتِنا، فإِنَّا نَبَطٌ مِنْ كُوثَى»([1]).
قَالَ الأزهريّ في معنى (كَوَّث): «كَوَّثَ الزَّرْعُ تَكْوِيثًا إِذا صارَ أَرْبَعَ ورَقَاتٍ وخَمْسَ ورَقَاتٍ، وهُوَ الكَوْثُ»([2]).
وجاءَ في تاج العروسِ في بيانِ معنى (كُوثَى)، «وكُوثَى، بالضَّمِّ، ثَلَاث مَواضِعَ: بَلْدَة (بالعراقِ) ببابِلَ، وتُسَمَّى كُوثَى الطَّرِيقِ، وكُوثَى رَبَّا: من نَاحيَة بابِلَ، بأَرْضِ العِرَاقِ أَيضًا، وبهَا وُلِدَ سيِّدُنا الخَليلُ (عليه السَّلام) وطُرِحَ في النَّار، ومَحَلَّةٌ بمَكَّةَ لبَنِي عبدِ الدَّارِ بن قُصَيّ»([3]). وهذه المعاني كلُّها واردةٌ، ومن الممكنِ أنْ يذهبَ إليها قول الإمام، إلَّا أنَّ الَّذي يحدِّدُها، ويصحِّحُ قولَ من ذهب خلاف ذلك، هو السِّياقُ، إذ أراد الإمام(عليه السَّلام) بـ(كُوثَى): العراق؛ لمجيء كلمة(نَبَط) قبلها وتعني في اللُّغةِ «قومٌ ينزلون سَوادَ العراق، والجميعُ: الأنباط»([4])، ولَو أَراد كُوثَى مَكَّةَ، لما قَالَ نَبَطٌ، وكُوثَى العِرَاقِ هِي قريةٌ ولدَ بها إبراهيم(عليه السَّلام) ([5])، قالَ الأزهريّ: «وإِنَّما أَراد عليٌّ أَنَّ أَبانا إِبراهيمَ كَانَ من نَبَطِ كُوثَى، وأَنَّ نَسَبنا انْتَهى إِليه»([6])، وما أوصلنَا إلى هذا المعنَى هو ورودُ كلمةِ(كُوثَى) في ذلك السِّياقِ اللُّغويّ.)([7]).
الهوامش:
[1] لسان العرب(كوث): 2/181.
[2] التهذيب(كوث): 10/185.
[3] تاج العروس(كوث): 6/336.
[4] العين(نبط): 7/439.
[5] ينظر: غريب الحديث، للخطابي: 3/72.
[6] ينظر: التهذيب(كوث): 10/186.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص126-127.