من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((ألْقَت السحابُ بَعَاع مَا اسْتَقَلَّت بِهِ مِنَ الحَمْل))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قال عليه السلام: ((ألْقَت السحابُ بَعَاع مَا اسْتَقَلَّت بِهِ مِنَ الحَمْل))

428 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-09-2024

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:

 البَعَاع

ورد حَدِيث أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: ((ألْقَت السحابُ بَعَاع مَا اسْتَقَلَّت بِهِ مِنَ الحَمْل))([1]).

وردت مفردة (البَعَاع) وقد عدّها اصحاب كتب غريب الحديث من الغريب)، و(البَعَاع) كما قال ابن منظور: ((مَا بعَّ مِنَ الْمَطَر..، وأَلقى بَعَعَه وبَعاعَه أَي ثِقَلَه ونفْسَه،.. بَعَّ السحابُ يَبِعُّ بَعًّا وبَعاعاً: أَلَحَّ بِمَطَرِه. وبَعَّ المطرُ مِنَ السحابِ: خَرَجَ))([2]).

وقال ابن الأثير: ((البَعَاع: شِدّة المطَر))([3])، والبَعاع: ثِقَل السَّحَابِ مِنَ الْمَاءِ. قوله (عليه السلام) (ألْقَت السحابُ بَعَاع مَا اسْتَقَلَّت بِهِ)، أي: أَلقتِ السحابةُ ماءَها وثِقَلَ مطرِها. وبذلك يكون استعمال الإمام (عليه السلام) اللفظة بدلالتها المعجمية، ولكن الغريب في نظم اللفظة المعجمية في ذلك التركيب، فلو ان الامام (عليه السلام) قال بعت السحاب لما كان هناك غرابة، فالبعاع شدة المطر –كما قال ابن الاثير- ولكن ان يُظهر الإمام (عليه السلام) في تركيب كلامه بان السحاب قد حُمّلَتْ أمرا فسارت به مستقلة اياه ماسكة به محافظة عليه ثم القته بعاعا، فالإمام (عليه السلام) تحدث عن حقيقة الامر وليس عن ظاهرة جوية، فكلامه مصداق لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}([4]).  فالسحاب ارسلت من لدن الله -سبحانه وتعالى- وهو الذي اقلها بثقلها وهو الذي ساقها، وما هي الا مخلوقة طائعة لخالقها تؤدي الامانة كما أُمرت، فاستقلت ما حملت به وألقته بعاعا، أي نفذت الأمر بأفضل وجه)([5]).

الهوامش:
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/140.
([2]) لسان العرب: (بعع) 8/17.
([3]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/140.
([4]) سورة الأعراف: 57.
 ([5]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 170-171.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2395 Seconds